مصرفيون يقرِّون بإمكانية تغيير الفائدة

بنوك تغيّر سعر فائدة القروض دون إخطار المقترضين

صورة

أفاد متعاملون مع بنوك محلية بأنها تستغل عقوداً قانونية وقعوها معها، لتغيير سعر الفائدة على قروض مصرفية حصلوا عليها قبل سنوات من دون إخطارهم مسبقاً، مشيرين إلى أنهم فوجئوا بمطالبتهم بسداد مبالغ تزيد كثيراً على قيمة آخر قسط في القرض، محصلة لزيادة سعر الفائدة على القرض.

وقالوا، لـ«الإمارات اليوم»، إن البنوك أبلغتهم بعد الشكوى، بأنهم وقعوا على عقود قانونية تتضمن بنداً ينص صراحة على حق البنك في تغيير سعر الفائدة في أي وقت طوال مدة القرض، ومن دون إخطارهم.

من جهتهم، أقر مصرفيون بأن البنوك تغيّر أسعار الفائدة على القروض، أو أي منتج مصرفي آخر في أي وقت، وفقاً للمعطيات الداخلية، وأهمها حجم مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها، والعرض والطلب، والمنافسة في السوق المصرفية، ومدى توافر السيولة لديها، فضلاً عن حجم محفظة القروض ذاتها، لافتين إلى إمكانية رفع بنك ما سعر الفائدة، بمعزل عن البنوك الأخرى.

 

زيادة سعر الفائدة

عقود غير منصفة

أكد المحامي محمد سعيد أن «الأصل في أي عقد قانوني أن يتساوى طرفا العقد في الحقوق والالتزامات، وهو ما يختلف عن عقود البنوك التي تستغل حاجة المتعامل للحصول على السيولة، وتدفعه للموافقة على الشروط والأحكام التي يفرضها البنك من دون منحه فرصة للاعتراض»، واصفاً تلك العقود بأنها غير منصفة للمتعاملين.

وقال إنه «على الرغم من أن تلك العقود تصب في مصلحة البنك، فإنه لا يمكن القول إن جميع البنود الواردة فيها غير قانونية، لاسيما أن هناك بعض الشروط التي لا يمكن للبنك التحايل عليها، مثل تغيير سعر الفائدة من دون مسوغ»، لافتاً إلى أن البنوك تحدد سعر الفائدة وفقاً لآليات محددة في السوق المصرفية.

وتفصيلاً، قال متعامل مع أحد البنوك، محمد عبدالمطلب، إنه حصل على قرض شخصي قبل سنوات، واستفسر حينها من مندوب البنك عن القسط الشهري الواجب السداد إلى حين انتهاء مدة القرض، وأيضاً عن تاريخ آخر قسط سيسدده، وتسلم من المندوب المستندات التي توضح ذلك، لكنه فوجئ بخصم البنك الذي يتعامل معه، مبلغاً يزيد كثيراً على قيمة آخر قسط دفعه مقابل القرض الذي حصل عليه أخيراً، لافتاً إلى أنه عندما استفسر عن ذلك، أكد له موظف البنك أن الفارق هو محصلة زيادة سعر الفائدة على القرض خلال السنة الأخيرة.

من جهته، أفاد المتعامل أشرف طه، وهو موظف في شركة تجارية، بأن «البنوك تغير سعر الفائدة على القرض في أي وقت، ومن دون إخطار مسبق للمقترض بحيث لا يتمكن من تدبير أموره».

وقال إن «السنوات الماضية شهدت مشكلات عدة بين بنوك ومتعاملين بسبب تغيير أسعار الفائدة، إذ يفاجئ المقترض بمطالبة البنك له بسداد مبلغ كبير مع تاريخ آخر قسط في القرض»، مشيرا إلى أن «البنوك تستغل بنداً في عقود القروض يتيح لها تغيير سعر الفائدة في أي وقت، وتالياً فلا يمكن للمقترض في هذه الحالة الاعتراض عند رفع سعر الفائدة».

أما المتعامل مع أحد البنوك المحلية، أيمن كامل، فأوضح أنه اضطر للحصول على قرض شخصي صغير لتسديد الفارق في سعر الفائدة على القرض العقاري، الذي حصل عليه لشراء وحدة سكنية صغيرة قبل سنوات عدة، لافتاً إلى أن «التغيير في سعر الفائدة كان بسيطاً نسبياً، لكن مع امتداد القرض لفترة 10 سنوات، جاء المبلغ المطلوب كبيراً نسبياً».

 

دون إخطار

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «موارد للتمويل»، محمد مصبح النعيمي، إن «العقود القانونية التي يوقعها الراغبون في الاقتراض، تمنح البنك الحق في تغيير سعر الفائدة على القرض من دون الرجوع إلى المقترض، لكن المصرف المركزي يلزم البنوك بالإعلان عن أي تغييرات في سعر الفائدة، أو في الرسوم، سواء عبر الموقع الإلكتروني أو عبر لوحات في مداخل فروع البنك».

وأضاف أن «البنوك الإسلامية أيضاً تغير سعر المرابحة أحياناً، لكن عادة يحدث ذلك في بداية كل عام، إذ يعرف الحاصل على التمويل أن الكلفة ستزداد على مدار العام».

ونوه النعيمي بأن «رفع سعر الفائدة على القرض في أي وقت من دون الرجوع للمقترض، يضر دائماً بصغار المقترضين فقط، لأن البنوك دائماً تحرص على إخطار كبار المقترضين بتغيير سعر الفائدة عبر رسالة نصية قصيرة»، مشيراً إلى أن «قرار البنك برفع أو خفض سعر الفائدة على منتج مصرفي معين، يعتمد على عوامل عدة، مثل العرض والطلب، والمنافسة، ومدى توافر السيولة لديه، فضلاً عن حجم مخصصات القروض المشكوك في تحصيلها وحجم محفظة القروض ذاتها».

وكشف النعيمي عن إمكانية قيام بنك ما برفع سعر الفائدة بمعزل عن البنوك الأخرى، موضحاً أنه في كثير من الأحيان، يرفع بنك سعر الفائدة على منتج ما، وقد يخفض الفائدة على منتج آخر بناء على الكلفة التشغيلية للبنك، وأداء محفظة القروض في هذا المنتج، مشيرا إلى أن العديد من البنوك قد تلجأ إلى رفع سعر الفائدة على المقترضين الملتزمين بالسداد لمواجهة زيادة مخصصات القروض المشكوك في تحصيلها، لأن زيادة سعر الفائدة بأي نسبة في تلك الحالة يمكن أن يغطي الزيادة في المخصصات.

 

حلول ممكنة

بدوره، قال رئيس الفروع والخدمات المالية الشخصية في الإمارات لدى بنك «إتش إس بي سي الشرق الأوسط المحدود»، مصطفى رمزي، إن «تغيير سعر الفائدة على القروض العقارية يعد من الأمور الشائعة، نظراً لطول مدة القرض وامتداده لسنوات عدة، إلا أن زيادة سعر الفائدة على القروض الشخصية خلال مدة استحقاق القرض، تعد أمراً غير شائع، نظراً لقصر مدة القرض واقتصارها على أربع سنوات».

وأوضح أن «أحد الحلول الممكنة في حال اكتشاف المقترض أن البنك سيرفع سعر الفائدة على القرض الحاصل عليه، هو إعادة جدولة القرض للاستفادة من انخفاض سعر الفائدة أو بيع القرض لبنك آخر»، ناصحاً في هذه الحالة باحتساب المبلغ الذي سيتم توفيره من انخفاض سعر الفائدة، ومقارنته بالرسوم المطلوبة، سواء الإدارية أو رسوم إعادة الجدولة.

وأشار رمزي إلى أن علاقة المتعامل بالبنك، يجب ألا تقتصر على سعر الفائدة على القروض أو التمويلات، لأن بعض البنوك قد تخفض سعر الفائدة، لكنها تعوض ذلك بزيادة الرسوم.

ولفت إلى أن أسعار الفائدة في البنوك تعد تنافسية ومتقاربة إلى حد كبير، فيما يعتمد كل بنك في تحديدها على عوامل عدة، منها حجم السيولة المتوافرة لديه، وملف المتعامل ذاته، وتاريخه الائتماني، إذ يمكن للبنك منحه سعر فائدة تفضيلياً.

 

مقايضة الفائدة

في السياق ذاته، أقر مسؤول في بنك «الإمارات دبي الوطني»، فضل عدم ذكر اسمه، بأن البنوك قد تغيّر سعر الفائدة على القروض، لاسيما أن القرض التجاري يمتد سنوات قد تشهد تغييرات ملموسة في أسعار الفائدة، تجعل البنك يغير سعر الفائدة، سواء برفعها أو خفضها، مؤكداً أنه على الرغم من أن أسعار الفائدة قد تكون منخفضة نسبياً في الوقت الحاضر، فإن هناك احتمالاً كبيراً بارتفاعها بصورة كبيرة خلال فترة القرض.

وقال إن «(الإمارات دبي الوطني) طرح مبدأ مقايضة أسعار الفائدة، ومن خلاله سيجد المتعاملون الحاصلون على (قرض لأجل)، والذين يخشون ارتفاع أسعار الفائدة، خيار مقايضة أسعار الفائدة، برنامجاً مناسباً لهم»، موضحاً أن هذا الخيار يسمح للمتعاملين بالتحوط ضد أسعار الفائدة المرتفعة، من خلال دفع سعر ثابت، خلال فترة الصفقة التجارية.

تويتر