المنصوري: ‬500 مليار درهم استثمارات قطاع النقل الجوي في الدولة

مطالب بتفعيل «اتفاقية دمشق» وتحــرير الأجواء بين الدول العربية

الطيران المدني العربي سيستمر في النمو بمعدل ‬7.6٪ على مدى الأعوام الـ‬20 المقبلة. تصوير: أحمد عرديتي

قال وزير الاقتصاد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، سلطان بن سعيد المنصوري، إن الأرقام الأولية للاستثمارات في قطاع النقل الجوي في الطائرات والبنية التحتية للمطارات تصل إلى ‬500 مليار درهم، لافتاً إلى أن الإسهام المباشر للقطاع في الناتج المحلي الإجمالي للدولة يصل إلى نحو ‬13٪.

إلى ذلك، شدد خبراء ومشاركون في قمة «اقتصاديات النقل الجوي العربي»، التي بدأت أعمالها في دبي أمس، على أهمية تشجيع الدول العربية على المضي قدماً في سياسات تحرير الأجواء وتفعيل اتفاقية «دمشق» بهذا الصدد، لافتين إلى أن قطاع الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط سيشهد نمواً سنوياً بنسبة ‬7.6٪ حتى عام ‬2030.

إسهام في الناتج

تحفظات مصرية

قال رئيس سلطة الطيران المدني المصرية، محمد إبراهيم شريف، إن «مصر وقعت اتفاقية دمشق في عام ‬2004، لكنها لم تصادق عليها باعتبار أن لديها تحفظات منطقية، تتمثل في أن الاتفاقية تلغي الاتفاقيات الثنائية، ولا يعطي الحق لدولة ما بإبرام اتفاقات ثناية من دون مراجعة الهيئة العربية للطيران المدني، على عكس الاتفاقية التي طبقت في الاتحاد الأوروبي، التي فرضت كمظلة وحافظت على الاتفاقات الثنائية ولم تلغها».

وبين أن «التحرير سيؤدي إلى خفض مستويات الأسعار وتوفير فرص عمل كبيرة، إلى جانب تأثيره المباشر في النمو الاقتصادي، كما أنه سيزيد أنشطة شركات الشحن والصيانة والطيران وغيرها»، مشدداً على أهمية مراجعة الاتفاقية وصياغتها بشكل يناسب المرحلة المقبلة. ولفت إلى أن «هناك ‬24 مطاراً دولياً في مصر، ‬22 منها محررة بالكامل أمام الشركات العالمية، باستثناء مطاري القاهرة والإسكندرية».


تفعيل الاتفاقية

أشار رئيس مجلس الإدارة للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد الجوية للجمهورية اليمنية، حامد أحمد فرج، إلى أهمية تفعيل اتفاقية «دمشق»، على اعتبار أن أهدافها جاءت من إدراك أهمية صناعة النقل الجوي، بشكل يلبي احتياجات الدول العربية، ويواكب التطورات المتسارعة في هذا القطاع الحيوي. وبين أن «تحرير الأجواء شهد محاولات عدة خلال السنوات الماضية، توجت باتفاقية «دمشق»، التي من المفترض أنها دخلت حيز التنفيذ في عام ‬2007، وإلى هذه اللحظة لم تطبق على أرض الواقع، فضلاً عن أن الآثار الاقتصادية للاتفاقية تكاد تكون محدودة»، لافتاً إلى أن «بعض الدول لديها تجارب قوية وناجحة في تحرير الأجواء مثل الإمارات، لبنان، الأردن، البحرين والمغرب». من جهته، أشار ممثل هيئة الطيران المدني الأردنية، محمد قرعان، إلى أن «الأردن كان من أوائل الدول التي وقعت وصادقت على (اتفاقية دمشق)»، لافتاً إلى أن «الكثير من دول المنطقة تتبع سياسات بهدف حماية ناقلاتها الوطنية»، مشدداً على أهمية التكامل بين الدول العربية، وعقد شراكات فعلية بين الشركات وفتح باب الاستثمار.

وتفصيلاً، قال المنصوري، إن «الإسهام المباشرة لقطاع النقل الجوي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة يصل إلى نحو ‬13٪، في حين يصل الإسهام غير المباشر إلى ‬15٪». وبين أن «الأرقام الأولية للاستثمارات في قطاع النقل الجوي في الطائرات والبنية التحتية للمطارات ضخمة، وتصل إلى ‬500 مليار درهم، إذ إن (طيران الإمارات) تستثمر وحدها في طائرات (إيرباص إيه ‬380) نحو ‬100 مليار درهم».

وبخصوص حاجة السوق الإماراتية إلى تشريعات جديدة تنظم القطاع، أوضح المنصوري، أن «هناك مشاورات دائمة بين الحكومة والهيئة العامة للطيران المدني ودوائر الطيران المحلية حول كيفية تطوير القطاع، والمستجدات التي تطرأ على الصناعة، وكيفية التعامل مع هذه القضايا من نواحٍ قانونية وقضائية وسياسية واقتصادية، ومدى تأثيرها في القطاع»، مضيفاً أن «قطاع الطيران المحلي لديه متطلبات كثيرة قد لا تغطيها القوانين الموجودة في الوقت الحاضر».

وذكر أن «قانون الطيران المدني، الذي تم تطويره، لابد أن يرتكز على ثوابت تعطيه استمرارية على مدى طويل جداً، ولا يمكن أن نستعجل في إصداره قبل التأكد من جميع المعطيات المتعلقة بالقطاع».

وأفاد بأن «الإمارات انتهجت سياسة واضحة في مجال الأجواء المفتوحة أمام شركات الطيران العالمية، بناء على الاتفاقات التي وقعتها»، لافتاً إلى أن «هذه السياسة انتهجت من قبل الدولة قبل نحو ‬20 عاماً، وكانت بعض الدول العربية حينها تعارض وتتحفظ تجاه هذه السياسات».

نجاح إماراتي

وبين المنصوري أن «قطاع النقل الجوي في الدولة يمثل قصة نجاح كبيرة، إذ يمتلك اليوم أفضل شركات الطيران والمطارات على مستوى العالم، ما جعل الإمارات في مركز الريادة، معطية بذلك الفرصة للدول العربية والخليجية للاستفادة من تجربتها».

وتوقع المنصوري أن تدرك الدول العربية، بطريقة واضحة، الأهمية الكبرى لقضية فتح الأجواء والاستفادة منها تدريجياً، لافتاً إلى أن «معظم الدول العربية كانت تتخذ إجراءات حمائية».

وذكر أن «النمو المتسارع في مجال الطيران العالمي، والعربي على وجه الخصوص، يزيد من مسؤوليات (جامعة الدول العربية) و(الهيئة العربية للطيران المدني) لدعم هذا القطاع الناجح»، مشيراً إلى أن «قطاع الطيران المدني العربي سيستمر بالنمو بمعدل يراوح بين ‬6 و‬7٪ على مدى السنوات العشرين المقبلة، من حيث حركة نقل الركاب والشحن، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا)».

وبين أن «التقدم السريع في تحرير قطاع النقل الجوي على مستوى العالم، وازدياد الفرص، عوامل من شأنها تشجيع الدول العربية على المضي قدماً في سياسات تحرير الأجواء ضمن إقليمنا العربي، لذا فإن التنسيق والانسجام بين الدول العربية أصبح حاجة مُلحة لا غنى عنها من أجل توفير خدمات نقل جوي فعّالة وناجحة».

ووجه المنصوري دعوة لدول العالم أجمع لخوض مشاورات جادة لتحرير الأجواء، ليس على مستوى الدول العربية فقط، لما سيوفره ذلك من مناخ مناسب للمنافسة العادلة وتوفير خدمات بكفاءة عالية للمستهلكين المشغلين.

نمو

من جهته، قال المدير الإقليمي لمنظمة الطيران المدني الدولي، محمد خنجي، إن «منطقة الشرق الأوسط ستشهد نمواً سنوياً في قطاع الطيران بنسبة ‬7.6٪ حتى ‬2030، لكن هناك تحديات كبيرة تخص السلامة والأمن والبيئة».

وبين أن «صناعة النقل الجوي تحتاج إلى بيئة العمل التي تتسم بالاستقرار والكفاءة، وتذليل القيود المفروضة على دخول الأسواق في اتفاقات الخدمات الجوية الثنائية».

وأشار إلى أهمية وضع إطار تنظيمي يسمح بتوسيع نطاق دخول الأسواق، ويسهم في الاستدامة الطويلة الأمد، إذ إن الكثير من الأقاليم بدأت في متابعة مناهج تركز على أهمية دخول الأسواق، منها مثلاً (اتفاقية دمشق)». وذكر خنجي أن «(إيكاو) ستعد في مؤتمرها السادس وثيقة خاصة متعددة الأطراف لاستمرار توسيع نطاق دخول الأسواق، وستشكل الوثيقة اتفاقاً دولياً بخصوص حريات النقل الجوي، إذ إن مثل هذا المنهج يسمح بوضع إطار يسمح بالمزيد من التحرير»، لافتاً إلى دور الاتفاقات الثنائية، وقضايا مثل ملكية الناقل الجوي والاستثمار الأجنبي، والتمويل وحماية المستهلك، وضمان المنافسة العادلة ضمن معايير الاستدامة».

وأوضح أن «شبكة النقل الجوي العالمية تضاعفت منذ عام ‬1977، ويتوقع لها أن تتضاعف مرة أخرى بحلول عام ‬2030، إذ نقلت شركات الطيران خلال العام الماضي ‬2.9 مليار راكب، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى سبعة مليارات مسافر في عام ‬2030»، لافتاً إلى أن «أكثر من ‬60 مليون شخص يعملون في قطاع الطيران المدني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يسهم بنحو ‬3.5٪ من الناتج الإجمالي العالمي».

تنمية اقتصادية

وقال نائب الرئيس الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا»، حسين الدباس، إن «الطيران المدني محور مهم للتنمية الاقتصادية في مختلف دول العالم، خصوصاً بالنسبة لدول الشرق الأوسط، التي سجلت نمواً جاوز ‬15٪ خلال العام الماضي، مقارنة مع ‬5٪ للمعدل العالمي».

وأضاف أن «المنطقة أدركت أهمية صناعة الطيران المدني، ووفرت له أسباب النجاح، ومنها تلك الاستثمارات الضخمة التي ضختها في القطاع، منها ‬100 مليار دولار في المطارات وحدها»، مؤكداً أهمية مواصلة سياسات تحرير الأجواء والانفتاح لضمان استمرار النمو.

تويتر