بعد إلغاء الملاحقة الجنائية بشيك الضمان

بنوك تلاحق مواطنين متعثرين في مــقارّ عملهم

«مصرف عجمان»: البنوك تدرس حالة المتعثر وتراعي ظروفه حال تأكدت أن تعثره خارج عن إرادته. تصوير: أسامة أبوغانم

أفاد مواطنون متعثرون مصرفياً بأن إدارات التحصيل، التابعة للبنوك التي يتعاملون معها، تتبع أساليب «غير مقبولة» في التعامل معهم، بعد إلغاء الملاحقة الجنائية بشيك الضمان.

وأضافوا أن مندوبي التحصيل في البنوك اتبعوا أساليب جديدة لتهديدهم وإجبارهم على السداد، ولم يعودوا يكتفون بالأساليب القديمة، مثل الإزعاج عن طريق الهاتف، إذ أصبحوا يذهبون إلى مقر عمل المتعثر ويشتكونه لمديره المباشر أو لإدارة شؤون العاملين للتشهير بسمعته، ما قد يؤدي تالياً إلى إنهاء خدماته.

وقالوا إن مندوب التحصيل عادة ما يستغل حرص المواطنين على سمعتهم وسط زملائهم في العمل، لذا فإنهم يتعمدون فضح المواطن المتعثر لإحراجه أمام زملائه، مضيفين أن بعض جهات العمل عندما تجد لغطاً إزاء أحد موظفيها من قبل مندوبي التحصيل، تفقد الثقة به، وتالياً قد تنهي خدماته أو تأجل ترقيته بسبب وجود بلاغات ضده.

وتساءلوا عن الحكمة من وراء ملاحقة مندوبي التحصيل لهم وتهديدهم في مقار عملهم، مؤكدين أن مثل هذا الأمر سيفاقم المشكلة، إذ إن المتعثر إذا فقد وظيفته فسيفقد مصدر الدخل، وتالياً لن تحصل البنوك على أي شيء، لافتين إلى أن مندوبي التحصيل لا يراعون في حالات معينة أنهم يتعاملون مع نساء، وأن ثقافة المجتمع الإماراتي تختلف من حيث الحرص على التقاليد وأعراف المجتمع.

إلى ذلك، رفض مصرفيان تعامل موظفي أقسام التحصيل في البنوك بأسلوب غير لائق مع المتعاملين المتعثرين، مؤكدين في الوقت ذاته أهمية أن يكون المتعثر جاداً وملتزماً بالتسوية حتى يتم التوصل لحل لمشكلاته مع البنك.

وقالا إن البنوك تحاول مساعدة المتعامل المتعثر، ولا تتعمد الضغط عليه للسداد إلا بعد استيفاء الطرق كافة للوصول إلى تسوية والتأكد من عدم جديته في السداد، مشيرين إلى أن البنوك لا يمكنها التغاضي عن تحصيل مستحقاتها لدى المتعثرين، لأنها في الأساس أموال مساهمين، ولابد من المطالبة بها.

أكثر عنفاً

وتفصيلاً، أكدت المواطنة، (أمينة.أ)، أن «البنوك اتبعت أساليب أكثر عنفاً مع المواطنين المتعثرين بعد صدور قرار إلغاء الملاحقة الجنائية بشيك الضمان، فبعد السباب والتهديد بالتعميم والملاحقة من قبل الشرطة، أصبحت البنوك ترسل مندوبي التحصيل إلى مقار عمل المواطنين المتعثرين لتهديدهم».

وقالت إنها «تعرضت لهذا الموقف شخصياً بسبب مديونية مستحقة على بطاقة ائتمانية، إذ هددها مندوب التحصيل في البنك بالذهاب إلى مقر عملها وفضحها، وإخبار مديرها وإدارة شؤون العاملين للاستغناء عن خدماتها»، موضحة أن «بعض جهات العمل عندما تجد لغطاً حول أحد موظفيها من قبل مندوبي التحصيل تفقد الثقة بالموظف، سواء في أمانته أو قدرته على إدارة الأمور المالية، وتالياً قد تنهي خدماته».

وأضافت أن «من الأساليب التي يتبعها مندوب التحصيل في البنك لتهديد المواطن المتعثر في مقر عمله الحديث بصوت عالٍ، ومحاولة إشراك الزملاء في المحادثة، حتى يجبر المواطن المتعثر على السداد خشية الفضيحة». وأشارت إلى أن «المواطن المتعثر يعجز عن التصرف في تلك الحالة، حتى عندما يهدد مندوب البنك بإبلاغ الشرطة، إذ يصر المندوب على عدم مغادرة مقر عمل المتعثر»، لافتة إلى أنها «لا تطالب البنوك بالتنازل عن مديونياتها، لكن يجب مراعاة الجانب الاجتماعي، ومنح فرصة للمتعثر، لاسيما أن استغناء الشركة عن المواطن المتعثر لن يحل المشكلة، بل سيفاقمها حين يفقد مصدر دخله».

تعامل مع النساء

من جهتها، قالت المواطنة (ف.ع)، إن «مندوبي تحصيل في البنوك يتبعون أساليب غير لائقة في التعامل مع المتعاملين المتعثرين، إذ لا يراعون أنهم يتعاملون مع نساء، وأن ثقافة المجتمع الإماراتي تختلف من حيث الحرص على التقاليد وأعراف المجتمع».

وأضافت أنها تعرضت لمشكلات عدة في عملها بسبب مستحقات متأخرة على بطاقتها الائتمانية، إذ تأخرت ترقيتها بسبب فتح بلاغ عليها في الشرطة، مؤكدة أن «مندوب التحصيل اتبع عدداً من الإجراءات، أولها الاتصال بها هاتفياً أكثر من ‬10 مرات في اليوم الواحد، ثم تهديدها وملاحقتها في مقر عملها».

وأوضحت أن «مندوبي التحصيل زادت شراستهم في التعامل مع المواطنين بعد قرار إلغاء الملاحقة القضائية بشيك الضمان، إذ باتوا يذهبون إلى مقر العمل ويشتكونهم للمديرين المباشرين وإدارات شؤون العاملين، لاسيما في الهيئات الحكومية»، مشيرة إلى أنها طالبت موظف الأمن في جهة عملها بعدم إدخال أي مندوب للبنوك بعد أن تكررت زيارات مندوب التحصيل لمقر عملها، فما كانه منه إلا أن انتظرها لحظة الخروج من العمل في محاولة لفضحها وإحراجها أمام زملائها في العمل.

وذكرت أن «المواطنين المتعثرين أصبحوا مهددين بفقدان وظائفهم بسبب تعمد مندوبي التحصيل إثارة المشكلات لهم في مقر عملهم».

توبيخ

من جهته، تساءل المواطن (سيف.س) عن الفائدة التي سيجنيها البنك في حال فقدان المتعامل المتعثر وظيفته، مؤكداً أن «مثل هذا الأمر سيفاقم المشكلة، إذ إن المواطن المتعثر يحاول دائماً سداد ما عليه من التزامات، وإذا فقد وظيفته فسيفقد مصدر الدخل، وتالياً لن تحصل البنوك على أي شيء».

وأضاف أنه تعرض للتوبيخ من مديره العام بعد أن اشــتكى مندوب التحصـيل في البنك إليه عدم التزامه بالسـداد، موضحاً أن «المدير هدده بالاستغناء عنه بسبب إساءته إلى سـمعة الشركة التي يعمل فيها، لاسيما بعد أن تعامل معه مندوب التحصيل بأسلوب غير لائق، وبصوت عالٍ أمام عدد من المتعاملين مع الشركة».

جدية المتعثر

إلى ذلك، رفض الرئيس التنفيذي بالوكالة لمصرف عجمان، محمد أميري، تعامل موظفي أقسام التحصيل في البنوك بأسلوب غير لائق مع المتعاملين المتعثرين، مؤكداً أهمية أن «يكون المتعامل المتعثر جاداً وملتزماً بالتسوية حتى يتم التوصل لحل لمشكلاته مع البنك».

وشدد أميري، على أن «المصارف عادة ما تدرس حالة المتعثر، فإذا وجدت أنه تعثر لأسباب خارجة عن إرادته، مثل المرض أو فقدان الوظيفة أو مصدر الدخل فتمنحه مهلة للسداد، وتتساهل معه من ناحية إطالة فترة السداد، وتقليص قيمة الأقساط الشهرية»، لافتاً إلى أن «البنوك لا يمكنها التغاضي عن تحصيل مستحقاتها لدى المتعثرين، لأنها في الأساس أموال مساهمين لابد من المطالبة بها». وأضاف أميري أن «البنوك تدرك أن موظفي قسم التحصيل يتعاملون في مناخ خاص ومع نوعية خاصة من المتعاملين، بعكس موظفي خدمة المتعاملين، لذلك يتم انتقاؤهم وتدريبهم على أساليب التعامل وكيفية متابعه المتعامل المتعثر»، منبهاً إلى أن «البنوك تراقب جميع المكالمات الهاتفية التي تصدر من جميع العاملين في البنك، بمن فيهم موظفو قسم التحصيل، فإذا تم التعامل بأسلوب غير لائق، فيمكن للمتعامل أن يراجع البنك ويتقدم بشكوى يحدد فيها التاريخ والتوقيت».

مساعدة المتعثرين

من جهته، قال مسؤول في بنك «المشرق»، إن «الإجراءات التي تتخذ مع المتعاملين المتعثرين تبدأ عند تأخرهم عن سداد التزاماتهم، إذ يرسل البنك رسائل لهم عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف الجوال، لتذكيرهم بتأخر دفعاتهم لأكثر من مرة»، مضيفاً أنه «عند تجاهل هذه الرسائل يتصل قسم التحصيل بشكل مباشر بالمتعثر ويتابع قضيته».

وأوضح أن «مهمة قسم التحصيل في (المشرق) لا تقتصر على تحصيل الأموال من المتعامل المتعثر، وإنما تشمل متابعة وتحليل وتيرة الدفعات التي يسددها لإيفاء المستحقات المترتبة عليه، وكذا متابعة مدى التزامه».

وأشار إلى أنه «في حال إبداء المتعامل رغبته في سداد الدفعات المترتبة عليه، يقدم قسم التحصيل خطط السداد الميسرة الممكنة، التي تتلاءم مع وضعه المالي، مثل إطالة فترة السداد وتقليص قيمة الأقساط الشهرية، وعند تعذر ذلك يُنصح المتعامل بالاستعانة بخدمة (المشرق للاستشارات المالية)، التي تقدم له أقصى مساعدة ممكنة تضمن له الإيفاء بالمستحقات المترتبة عليه ضمن الحدود الممكنة». وشدد المسؤول على أهمية ألا يكون أسلوب تهديد المتعامل المتعثر أو التعامل معه بشكل غير لائق هو الأسلوب السائد في قسم التحصيل في البنوك، منبهاً إلى ضرورة أن يتمتع موظفو قسم التحصيل بالخبرات اللازمة التي تؤهلهم لمعالجة كل حالة تعثر على حدة، وبشكل يتناسب مع الوضع المالي للمقترض».

تويتر