جدل بين خبراء ومستثمرين ورجال أعمال حول العطلة الأسبوعية وساعات العمل.. والدعم الــمالي لمدة عامين

مقترحات «العمل» تعزز التوطين.. والقـطاع الخاص مطالب بتحمل مسؤولياته

معدلات التوطين تعد الأقل في القطاع السياحي. الإمارات اليوم

رحّب مسؤولون واقتصاديون بمقترحات وزارة العمل في ما يتعلق بتوظيف المواطنين الباحثين عن عمل في القطاع الخاص، وتقديم حزمة محفزات لهم، داعين الجهات الحكومية إلى منح شركات القطاع الخاص التي تؤهل وتوظف مواطنين، ميزات تفضيلية، مثل ترسية مشروعات حكومية، أو خفض الرسوم المختلفة وقيمة فواتير الاستهلاك عليها.

وأشاروا إلى أن تهرب شركات القطاع الخاص من مسؤوليتها اتجاه أبناء الدولة بتوظيفهم لديها، والتذرع بأن منح المواطن يومي إجازة سيربك دورة العمل، أمران غير مقبولين، خصوصاً في ظل استفادة هذه الشركات من البنى التحتية المتطورة والإعفاءات الضريبية، مؤكدين أن هناك كلفة اقتصادية على الدولة والقطاع الخاص، يجب تحملها لاستيعاب المواطنين ضمن شركات الدولة.

ورأوا أن تخفيف التكدس غير المنتج في القطاع الحكومي يتم عبر تحويله للقطاع الخاص، مع الإسهام في جزء من الرواتب، مشددين على أهمية المساواة بين جميع الشركات في أي قرارات تتعلق بالتوطين، حتى لا تتحمل بعض الشركات كلفة عالية بسبب رواتب المواطنين، ما يؤثر في دخولها المالية.

يأتي ذلك في وقت رأى مستثمرون وخبراء أن هناك عقبات يجب التغلب عليها قبل الحديث عن التوطين في القطاع الخاص، أبرزها التدريب والمهنية، وساعات الدوام، وعدم تقبل المواطنين كثيراً من المهن والوظائف، فضلاً عن العادات والتقاليد التي تمثل عوائق اجتماعية أمام انخراط المواطنين في القطاع الخاص.

دعم المواطنين

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تفصيلاً، اعتبر رئيس لجنة التوطين في المجلس الوطني الاتحادي، حمد الرحومي، أن «العديد من شركات القطاع الخاص تتهرب من توظيف المواطنين، متذرعة بعدم كفاءتهم، وتتبع أحياناً سياسة (تطفيش) المواطنين الباحثين عن العمل».

ورحّب الرحومي بما وصفه بـ«التحول» الذي تشهده سياسات وزارة العمل حالياً، في ما يتعلق بتوظيف المواطنين الباحثين عن العمل في القطاع الخاص، وتقديم حزمة محفزات ودعم لهم، حتى إن كان مؤقتاً، مشيراً إلى أن «شركات القطاع الخاص تظل مسؤولة أمام المجتمع عن تدريب وتشغيل كوادر مواطنة».

وأضاف أن «المهم حالياً هو البحث عن إمكانية استمرار هذا الدعم المقدم للمواطن في الحصول على فرصة عمل، سواء كان دعماً حكومياً مباشراً، أو من قبل شركات القطاع الخاص»، لافتاً إلى أنه لا يجوز أن ينقطع دعم الحكومة مرة أخرى بعد أن تقدمه، كما أن على شركات القطاع الخاص أن تظل مستمرة في احتواء المسألة.

وأكد أن «الإمارات لا تفرض ضرائب بأشكالها المختلفة على رجال الأعمال، الذين يحققون أرباحاً صافية بمئات الملايين من الدراهم سنوياً، وتالياً، فإن عليهم تحمل مسؤولياتهم تجاه أبناء هذا المجتمع، كونهم يستفيدون من الخدمات والبنى التحتية المتقدمة التي توفرها الدولة وتنفق عليها مليارات الدراهم».

تكدس غير منتج

من جهته، قال العضو السابق في المجلس الوطني الاتحادي، حمد حارث المدفع، إن «هناك تكدساً في القطاع الحكومي، في حين أن أرقام المواطنين في القطاع الخاص متواضعة جداً، ولذلك، فإن من المهم تخفيف هذا التكدس غير المنتج، وتحويله للقطاع الخاص، مع المساهمة في جزء من الرواتب، خصوصاً أن الحكومة تدفع في القطاع العام أجوراً مرتفعة دون انتاج حقيقي مقابلها».

وأكد المدفع أن «هناك تزايداً في طلبات التوظيف وأعداد الخريجين، وأن غياب حوافز إجازة اليومين مثلا أخرج العديد من المواطنين من قطاعات مهمة مثل المصارف والتأمين».

كلفة اقتصادية

أكد الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، الدكتور أحمد خليل المطوع أن «من شأن فكرة الدعم المادي المباشر للشركات الخاصة، لتوظيف المواطنين، أن تزيد من الأعباء على المواطنين، إذ ترسخ فكرة حصولهم على الوظيفية مقابل دعم حكومي، إلا أن على الدولة أن تدعم ذلك من خلال مبادرات تدعم عمل القطاع الخاص».

وحول قلة الإنتاجية للمواطنين، بين أن «هناك كلفة اقتصادية على الدولة والقطاع الخاص يجب تحملها لاستيعاب أبناء الوطن ضمن شركات الدولة، من خلال التدريب والتأهيل، وهو ما يتراجع بالأعمال لفترات وجيزة، لتجهيز كادر مواطن قادر على المنافسة في سوق العمل».

وأوضح أن «من المنطقي أن يكون للتوطين في القطاع الخاص كلفة اقتصادية، وبذل بعض الجهد على المدى القصير، إلا أن المردود الاقتصادي، والمهني كبير للغاية على المدى الطويل، ويحفظ للاقتصاد والدولة مكانتها واستمراريتها خلال العقود المقبلة، ووقت الأزمات».

آليات التوطين

من جانبه، قال المدير العام لـ«معهد الإمارات للدراسات المالية والمصرفية»، جمال الجسمي، إن «الحكومة توفر حالياً البيئة والآليات التي تساعد القطاع الخاص لاستقطاب المواطنين للعمل»، مشيراً إلى أن «من واجب القطاع الخاص أن يفتح أبوابه أمام توظيف المواطنين باعتباره متطلباً يتصدر الأولويات».

وأكد أن «هناك فجوة كبيرة في الإحصاءات التي أصدرتها وزارة العمل حول معدلات التوطين، في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهذا مؤشر سلبي»، لافتاً إلى أن «الفجوة بين متوسط رواتب القطاع الخاص، ستعوّض من خلال سياسات الدعم الحكومي».

وذكر الجسمي أن «القطاع الخاص لا يقوم بدوره الحقيقي في توطين الوظائف، بل يسهم في إيجاد عراقيل وأوهام، تتعلق بالتدريب والمؤهلات وغيرها»، لافتاً إلى أن «هذا الكلام غير جائز، باعتبار أن مخرجات التعليم في الإمارات تعد الأفضل على مستوى منطقة الشرق الأوسط».

وشدد على المسؤولية الاجتماعية للشركات العاملة في السوق الإماراتية ودورها للعب دور حقيقي في عملية التنمية، موضحاً أن القطاع الخاص ينظر فقط إلى مسائل الكلفة والربحية.

مشكلة الرواتب

في السياق نفسه، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة «الشموخ» لخدمات النفط، الدكتور علي العامري، إن «الرواتب هي أهم معوق أمام توظيف المواطنين في القطاع الخاص»، مؤكداً أن «الدعم الحكومي للقطاع الخاص في هذا المجال يعتبر مهماً، ويسهم بنسبة ‬40٪ لفترة معينة».

وأضاف أن «هناك نقطة مهمة تتعلق بضرورة المساواة بين جميع الشركات في أي قرارات تتعلق بالتوطين، لأن استثناء البعض يعني تحميل الآخر كلفة عالية بسبب رواتب المواطنين، ما يؤثر في دخل الشركة ويعرضها لخسائر، مقارنة بشركات لا تلتزم بالتوطين».

وأشار العامري إلى وجود إشكالية أخرى تتعلق بطموح الشباب المواطن الذي يركز على الترقيات، والتطلع لوظائف حكومية، أو العمل في الجيش والشرطة والبترول، نظراً لما توفره هذه القطاعات من مزايا كبيرة، لافتاً إلى أن «الشباب لا يقبل على العمل في القطاع الخاص، إلا إذا كان متقاعداً، أو لا يمتلك شهادة، فيما يتطلع المتعلمون منهم للوظائف الحكومية».

وأفاد بأنه «يمنح موظفيه بالفعل إجازة يومين، حال العديد من أصحاب الأعمال، حتى من دون زيادة ساعات العمل»، معتبراً ذلك أمراً إيجابياً لبيئة العمل لن يمانع أحد في تطبيقه.

حوافز مشجعة

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة «الوليد للعقارات»، محمد المطوع، إنه «لابد من وجود حوافز لتشجيع المواطنين على الالتحاق بالعمل الخاص، كالتأمين الصحي والحوافز المالية وبرامج التدريب لتأهيل وتوفير بيئة صالحة للعمل، وذلك لجذب المواطنين».

وأكد «ضرورة إيجاد شراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، بحيث يعمل المواطن في القطاعين ومن دون فروق، ووضع البرامج التدريبية لتؤهل المواطن بالانخراط بكل ثقة في القطاعين، داعياً الحكومة إلى فرض برامج تدريبية على طلبة المعاهد والجامعات في الدولة لتأهيلهم للعمل في القطاع الخاص».

وأضاف المطوع أن «هناك نقاطا عدة يجب التأكيد عليها ومراعاتها، أولها بدل البطالة للأفراد غير القادرين على إيجاد عمل، ووضع حد أدنى للمواطنين، والتشديد على الشركات شبه الحكومية لاستيعاب مزيد من المواطنين، إلا أن فكرة زيادة ساعات الدوام ليست فكرة جيدة، إذ إنها تزيد من التكاليف التشغيلية، وتهدر دورة العمل».

وبين أن «أهم النقاط التي يجب أن تراعيها الحكومة في زيادة مساحة التوطين في القطاع الخاص، هي تقديم الدعم والتحفيز، من خلال تقديم التسهيلات أو الإعفاء من بعض الرسوم للشركات التي تحقق نسب توطين مرضية».

وشدد المطوع على ضرورة التأهيل والتعليم، مع تحديث آليات التنسيق بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والمؤسسات الحكومية والخاصة لمراعاة احتياجات سوق العمل في الدولة، بما يخدم أهداف التوطين في القطاع الخاص.

وأشار إلى أن «هناك بعض العقبات التي يجب التغلب عليها قبل الحديث عن توطين القطاع الخاص، أبرزها التدريب والمهنية، ساعات الدوام، عدم تقبل المواطنين كثيراً من المهن والوظائف، فضلاً عن العادات والتقاليد والعوائق الاجتماعية».

تأهيل المواطنين

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة الثراء العقارية، طارق رمضان، إن «أي مبادرات لدعم توطين الوظائف في القطاع الخاص مرحب بها، خصوصاً أن المبادرة التي طرحتها وزارة العمل لا تتعارض مع نظام السوق الحرة، بل تأخذ في الاعتبار العقبات التي تجعل المواطنين يفضلون العمل في القطاع الحكومي على القطاع الخاص».

وأضاف أن «القطاع الخاص لا يمانع بتوظيف المواطنين شرط أن يكونوا مؤهلين عملياً، وليس نظرياً فقط، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن، وهنا يأتي دور الوزارة»، مشيراً إلى أن «المواطن المؤهل أفضل للعمل في قطاع مثل العقارات من غير المواطنين، لمعرفتهم ببلدهم أكثر».

ولفت إلى أن «مسألة عمل المواطنين في القطاع الخاص عملية صعبة وتحتاج إلى وقت طويل وتوعية مجتمعية، لأنها تتطلب تغيير العقلية والثقافة والتقاليد السائدة بالنسبة للمواطنين، أكثر من مسألة الرواتب وساعات وأيام العمل».

في السياق ذاته، أكد مدير ومالك شركة السعدي للعقارات، أحمد السعدي، أن «مقترح وضع حد أدنى لأجور المواطنين في القطاع الخاص ودعم الحكومة مدة عامين سيحفز الشركات، إلا أنه سيلقي بعبء الرواتب المرتفعة للمواطنين بعد مدة الدعم، وهو ما يزيد من مخاوف الشركات الخاصة، وفكرة تمديد ساعات العمل مقابل يومين إجازة، كذلك تزيد من التكاليف التشغيلية للشركات».

سياسات التوطين

من جهته، قال الأمين العام لجمعية الإمارات للتأمين، فريد لطفي، إن «هناك جملة من الأسباب أسهمت في ضعف سياسات التوطين في قطاع التأمين والقطاع الخاص بشكل عام، تتعلق معظمها بمستوى الرواتب وتوفير بيئة آمنة للعمل»، مشدداً على أهمية رفع سقف الرواتب كمتطلب أساسي، ودعم هذا السقف بقوانين تشريعية من قبل الجهات التنظيمية للالتزام بها.

ولفت إلى أن «السبيل الوحيد لدعم مختلف هذه الجهود الرامية إلى رفع مستويات التوطين هي الأطر التشريعية».

وأوضح الأمين العام لجمعية الإمارات للتأمين، التي تمثل شركات التأمين في الدولة، أن «معدلات التوطين لاتزال قليلة على الرغم من كل الجهود التي بذلت لرفعها»، لافتاً إلى أن «هناك قلة تجاوب من قبل المواطنين أيضاً للعمل في القطاع الخاص بشكل عام، والتأمين خصوصاً».

وأكد أن «الأمان الوظيفي يأتي من الولاء والتقدير من كلا الطرفين في الواجبات والالتزامات»، مشدداً على ضرورة أن تراعي خطط التوطين خصوصية بيئة العمل، وفتح آفاق التطوير أمام الموظف المواطن، وصولاً إلى إشراكه في برامج تدريبية تؤهله للاستمرار والمتابعة والتدرج في مختلف الفئات الوظيفية.

ولفت إلى أن «توظيف المواطن لا يكلف الشركات مبالغ مالية كبيرة على عكس ما يشاع، وبالتالي لابد من تشجيع جميع الأطراف للانخراط والاستفادة من تجارب بعض الدول في هذا الصدد، وتكليف جهات حكومية بمتابعة نسب التوطين السنوية وتحليل هذه البيانات ومراقبتها في مختلف القطاعات».

وانتقد لطفي معارض التوظيف، متسائلاً عن النتائج التي تحققها هذه المعارض، التي تقام سنوياً، ولا نسمع شيئاً عن نتائجها، لافتاً إلى أن «بعض المواطنين للأسف يفضلون الشركات الوطنية على الأجنبية»، مشدداً على أهمية الشراكة في الوقت نفسه بين القطاعين الخاص والعام لدفع هذه الجهود.

قال رئيس شركة «العابدي»، القابضة للسياحة والسفر، سعيد العابدي، إن «العادات والتقاليد الاجتماعية في الإمارات تشكل واحداً من أهم العوائق التي تقف أمام سياسات التوطين في القطاع السياحي، فمن الصعب إيجاد مواطن يقبل العمل خلف منصة الاستقبال، أو في المطاعم وغيرها»، لافتاً إلى أن «طبيعة العمل السياحي خدمي والمواطنون ينظرون إليها بنظرة (دونية)».

وذكر أن «معدلات التوطين تعد الأقل في القطاع السياحي ويشكل العائق الاجتماعي السبب الأول»، موضحاً أن «شركات السياحة الكبرى في السوق الإماراتية ليس لديها مشكلة في توطين جزء كبير من الوظائف في حال لقيت التجاوب من قبل المواطن نفسه».

وشدد العابدي على أهمية توافر معاهد متخصصة للتدريب، مطالباً بضرورة إيجاد آلية يستطيع من خلالها المواطن الوصول إلى الأمان المطلوب في وظيفته، مستبعداً أن يكون لساعات العمل وتوقيتها عائق كبير أمام سياسات التوطين، في القطاع السياحي.

واقترح على الحكومة في إطار دعم سياسات التوطين ومستويات رواتب الموطنين، تحمل جزء من مكافآت نهاية الخدمة بالنسبة للموظفين المواطنين، مبيناً أن للتشريعات الملزمة بخصوص التوطين في القطاع السياحي دور فاعل في دفع وزيادة نسب التوطين.

المزايا بدل الدعم

من ناحيته، قال المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إن «الشركات الكبيرة تستطيع استيعاب المواطنين من دون دعم مادي، مفضلاً اللجوء إلى تقديم برنامج من المزايا والحوافز لهذه الشركات بدلاً من الدعم، مثل الإعفاء من رسوم معينة، وأولوية في المشتريات الحكومية، خصوصاً أن هذه الحوافز تتمتع بصفة الاستمرارية، وليست مؤقتة مثل الدعم الذي أفادت الوزارة بأنه سيستمر عامين فقط».

وطالب مسلم بتنظيم مسألة التأمين ضد التعطل وتحديدها بفترة زمنية معينة، مع عدم فتحها مدداً زمنية طويلة أو غير محددة، لافتاً إلى أن العمل مدة تسع ساعات يومياً ربما يكون أمراً صعباً ومرهقاً للغاية بالنسبة لبعض المواطنين، خصوصاً في الفترة الأولى من العمل.

تويتر