تصدرا الأسواق الخليجية وتفوّقا على أسواق عالمية

‬20 ٪ مكاسب «دبي المالي» العام الماضي.. و«سوق أبوظبي» يربح ‬9.5٪

‬568٪ ارتفاعاً في صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي في سوقي أبوظبي ودبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي معاً في ‬2012. تصوير: أحمد عرديتي

أظهر تقرير حديث صادر عن هيئة الأوراق المالية والسلع، أن سوق دبي المالي تصدّر قائمة الأسواق المالية الأكثر ربحية في دول الخليج، إذ حقق مكاسب ناهزت ‬20٪ خلال العام الماضي، تلاه سوق أبوظبي للأوراق المالية الذي بلغت مكاسبه ‬9.5٪.

وقال وزير الاقتصاد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع، سلطان المنصوري، إن «تحليلات الكثير من الخبراء تشير إلى أن الأسواق المحلية بدأت تدخل فعلياً خلال العام الفائت دورة جديدة من التعافي بالنظر إلى قوة الاقتصاد الوطني ومتانة أساسياته، مقارنة بتراجع في نسب النمو في عدد من الاقتصادات الناشئة في دول العالم ومنطقة اليورو».

وأشار إلى أن «تحسن معظم الأنشطة الاقتصادية أسهم في تعافي الأسواق المالية المحلية خلال ‬2012، ونأمل أن يكون داعماً كذلك لانتعاش مماثل العام الجاري، إذ يتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نسب نمو جيدة تصل إلى ‬4٪، مع انطلاق حزمة ضخمـة من المشروعات بحجم إنفاق حكومي كبير، إضافة إلى النمو الملحوظ في قطاعات السياحة والسفر والتجارة، وكذلك التحسن الملموس الذي طرأ على القطاع العقاري، الذي تشير الدلائل إلى بلوغه مرحلة التعافي». وفي الوقت الذي تصدر السوقان قائمة الأسواق الخليجية لعام ‬2012، حلت السوق السعودية في المركز الثالث بتحقيقها ربحية بلغت ‬5.98٪، تلاها الكويت ‬2.06٪، ثم عُمان ‬1.15٪، فيما تراجع أداء السوقين القطرية والعُمانية بواقع ـ‬4.79٪ وـ‬6.83٪ على التوالي.

وتمكن سوق دبي من تحقيق أداء فاق عدداً من أهم الأسواق العالمية، مثل السوق الفرنسية (‬15.23٪)، و«ستاندرد آند بورز ‬500» الأميركية (‬13.41٪)، و«داو جونز» الأميركية (‬7.26٪).

أنظمة جديدة

استثمار مؤسسي وأجنبي

كشف التقرير الصادر عن الهيئة عن ارتفاع كبير في صافي تدفقات الاستثمار المؤسسي في سوقي دبي وأبوظبي، إذ بلغ مجموع تدفق هذه الاستثمارات لسوق الإمارات المالي نحو ‬1.02 مليار درهم لعام ‬2012، مقارنة بـ‬206 ملايين درهم (تدفق سلبي) لعام ‬2011. وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، عبدالله الطريفي، إن «التقرير الصادر عن الهيئة، أخيراً، يشير إلى ارتفاع نسبة صافي تدفق الاستثمار المؤسسي لسوقي دبي وأبوظبي الماليين إلى ما يناهز ‬600٪ مقارنة بعام ‬2011، وهو مؤشر جيد للغاية، نظراً لأهمية دور الاستثمار المؤسسي في دعم وتنشيط عمل أسواق المال، وذلك على اعتبار أن هذا النوع من الاستثمار يعد ضمانة مهمة لزيادة عمق الأسواق وجاذبيتها، إلى جانب كونه داعماً أساسياً لاستقرار تعاملاتها، سواء لجهة الارتفاع أو الانخفاض، ما يعني في النهاية أنه يؤدي دوراً أساسياً لجهة ضبط إيقاع الأسواق وحفظ وتوازنها، بحيث يقيها من التذبذبات العالية التي يمكن أن تتعرض لها، على النحو الذي يعزز من مكانتها كأهم قناة استثمارية ادخارية للمستثمرين».

ولفت إلى «الإحصاءات التي تضمنها التقرير بخصوص صافي تدفق الاستثمار الأجنبي في كل من سوقي أبوظبي ودبي الماليين لعام ‬2012 محسوباً على أساس ربع سنوي، إذ بلغت قيمة تدفق الاستثمارات الأجنبية في سوق دبي نحو ‬461 مليون درهم، بزيادة ‬181٪، في حين بلغت نحو ‬1.07 مليار درهم في سوق أبوظبي، بزيادة قياسية بلغت ‬1697٪، وفي الوقت الذي شهد الربع الثاني أعلى قيمة للاستثمار الأجنبي في سوق دبي تعادل ‬236 مليون درهم، شهد الربع الثالث القيمة الأعلى لهذه النوعية من الاستثمار في سوق أبوظبي بنحو ‬691 مليون درهم».

وأضاف: «بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية في سوق الإمارات (دبي وأبوظبي معاً) نحو ‬1.53 مليار درهم لعام ‬2012، مقارنة بـ‬224 مليون درهم في عام ‬2011، أي بنمو نسبته ‬586٪». وأفاد الطريفي بأن «الربع الأول كان الأعلى تداولاً لكل من سوقي أبوظبي ودبي الماليين، إذ بلغت قيمة التداولات ‬194 مليون درهم في سوق دبي، و‬88 مليون درهم في سوق أبوظبي العام المنصرم».

وبلغ معدل قيمة التداولات اليومية في السوقين، بحسب التقرير، نحو ‬281 مليون درهم لعام ‬2012، مقارنة بـ‬227 مليون درهم لعام ‬2011، أي بنمو ‬24٪.

وأوضح المنصوري أن «التطورات التي شهدتها الأسواق المحلية، سواء على الصعيد التشريعي أو صدور العديد من الأنظمة التي كان ينتظرها المستثمرون، فضلاً عن العوائد المجزية التي تحققت لشريحة كبيرة من المتداولين في الأسهم في القطاعات القيادية، عاملان من شأنهما تشجيع عودة المزيد من المستثمرين إلى قاعات التداول خلال الفترة المقبلة». وأكد أن «هيئة الأوراق المالية والسلع قطعت شوطاً كبيراً على طريق إنجاز البنية التحتية التشريعية والتنظيمية التي تدفع الأسواق للنمو، ومن المأمول أن يؤدي تطبيق الأنظمة الجديدة التي اتخذتها الهيئة خلال عام ‬2012، إلى توفير مزيد من السيولة للأسواق، خصوصاً مع تطبيق أنظمة البيع المكشوف، وإقراض واقتراض الأوراق المالية، وصانع السوق، ومزود السيولة، إضافة إلى نظام التداول بالهامش الذي تم إصداره في السابق».

تعزيز الشفافية

وأضاف المنصوري أن «البدء في تطبيق نظام الإفصاح الإلكتروني (إكس بي آر إل) سينعكس أثره إيجاباً في اتخاذ القرارات الاستثمارية في أسواق الأسهم وزيادة الشفافية والإفصاح، بالنسبة للبيانات المالية الخاصة بالشركات المساهمة العامة أو شركات الوساطة العاملة في السوق، والأمر نفسه ينطبق على تبني ضوابط الحوكمة التي تعزز شفافية الأسواق وتدعم الانضباط المؤسسي والممارسات السليمة للأعمال، من خلال إلزام الشركات المساهمة العامة بإصدار تقارير الحوكمة، وإيفاد فريق متخصص لهذه الشركات للاطلاع عملياً على إجراءات تطبيق ضوابط الحوكمة، والتحقق من التزامها بمتطلبات تطبيقها.

وأشار إلى أن «الهيئة وضعت في مقدمة أولوياتها وأهدافها الاستراتيجية تفعيل القرار رقم (‬518) لسنة ‬2009 بشأن ضوابط الحوكمة وتطبيق قواعد الإدارة الرشيدة على جميع الشركات المدرجة، وإلزام الشركات بالإفصاح عن تقارير الحوكمة وفق النموذج المعتمد من الهيئة، اقتناعاً منها بأهمية دعم الانضباط المؤسسي وترسيخه، فضلاً عن دوره في تعزيز الشفافية والممارسات السليمة للأعمال، وأهمية الحوكمة للمستثمرين في الأسواق الذين يحرصون على الاستثمار في الشركات التي تطبق أعلى مستويات الحوكمة، وعليه بلغت النسبة التزام الشركات المساهمة العامة المحلية المدرجة بالإفصاح عن تقارير الحوكمة ‬98٪، وهو ما كان له انعكاس جيد على زيادة الثقة بأسواق الدولة، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، أخذاً في الحسبان كذلك مكررات الربحية المغرية، وهو ما يكشف عنه ارتفاع صافي تدفق الاستثمار الأجنبي في سوقي أبوظبي ودبي معاً العام الماضي بنسبة ‬568٪، مقارنة بعام ‬2011».

أداء جيد

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي للهيئة، عبدالله الطريفي، إن «أداء أسواق المال المحلية خلال ‬2012 كان جيداً على مختلف المستويات، سواء من حيث نسب ارتفاع المؤشر، أو من ناحية قيم التداولات التي نمت ‬24٪ مقارنة بعام ‬2011، وذلك على الرغم من التحديات التي واجهتها، والتي كانت جميعها جراء عوامل خارجية، سواء ناتجة عن الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة أو أزمة الديون السيادية الأوروبية». وأضاف أن «الأسواق استطاعت أن توفر فرصاً جيدة خلال عام ‬2012 للعديد من المستثمرين، بما مكنهم من تحقيق مكاسب رأسمالية من التداول على بعض الأسهم، وجاء ارتفاع أسعارها منطقياً، بالنظر إلى أن معظم الصعود الذي تحقق يأتي تصحيحاً للانخفاض الذي سجلته خلال عام ‬2011، وبالأخذ في الحسبان النمو الاقتصادي القوي وتعافي السوق العقارية، وبوجه عام كان واضحاً أن العائد على الاستثمار في الأسهم مرتفع كثيراً مقارنة بالعائد على الأوعية الاستثمارية الأخرى».

وتابع «على الرغم من التحسن الذي شهدته أسعار الأسهم، إلا أنها ستـظل الأرخص والأكثر إغراء وجاذبية مقارنة ببقية أسواق المنطقة، إذ يبلغ مكرر ربحية سوق الإمارات بنهاية العام نحو ‬9.5 مرات، وهو معدل مغري وفق المعايير العالمية».

تحقيق الربحية

وأوضح الطريفي «يلاحظ أن معظم الشركات الإماراتية المدرجة حققت نسب نمو جيدة في ربحيتها، ما أسهم في زيادة نسبة توزيعاتها، الأمر الذي يؤدي إلى دعم الأسواق وزيادة حجم السيولة المتدفقة إليها خلال المرحلة المقبلة، فالنتائج المالية للشركات وفق البيانات المالية الربع الثالث من عام ‬2012 كانت جيدة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الشركات في توزيع نسبة جيدة من الأرباح على المساهمين، ويعزز الطلب بالتبعية من المستثمرين على الأجل الطويل، فالمستثمر المحلي يجد حالياً أن الأسواق توفر له الفرصة لتحقيق الأرباح الرأسمالية، وهي أمور من شأنها أن تشكل محفزات وجيهة لزيادة النشاط في الأسواق المالية».

يشار إلى أن الشركات المساهمة العامة حققت نمواً في إجمالي أرباحها حتى الربع الثالث من عام ‬2012 بنسبة ‬19٪، لتصل إلى نحو ‬33 مليار درهم، مقابل نحو ‬27.6 مليار درهم للفترة نفسها من عام ‬2011، كما نجحت معظم الشركات في العودة إلى تحقيق مستويات مجزية من النمو في الأرباح، بعد استيعاب تداعيات الأزمة المالية العالمية.

مؤشرات إيجابية

وذكر الطريفي أن «من أبرز الإشارات الإيجابية التي شهدتها الأسواق خـلال العام الماضـي، عودة القطاعات التي تعرضت للخسارة في العامين السابقين للتعافي مجدداً، بل إن بعضها تمكن من تحقيق ربحية جيدة، الأمر الذي يمثل دلالة مهمة تشير إلى اتجاه الأسواق لتحقيق أداء أفضل خلال العام المقبل، خصوصاً بعد الربحية الجيدة التي حققتها الشركات العقارية ـ التي تستحوذ أسهمها على الحصة الأكبر من تداولات الأسواق ـ إذ تصدر العائد على الاستثمار في أسهم قطاع العقار، وفق مؤشر سوق الإمارات، قائمة أكبر الرابحين في أسواق المال المحلية خلال عام ‬2012، بعدما بلغ للمستثمر على المدى المتوسط ‬42٪». واستطرد: «حقق العائد على الاستثمار في قطاع أسهم السلع الاستهلاكية المركز الثاني، مسجلاً نمواً بلغت نسبته نحو ‬35٪ في أعقاب توجه جزء مهم من السيولة إلى هذه الشريحة من الأسهم».

 

تويتر