بعضهم اعتبرها سيولة مهمة لتحريك السوق.. والآخر وصفها بتداولات مصطنعة

«مرابحة الأسهم» للحصول علـــــى تمويل شخصي تثير جدلاً بين خـــــــبراء

المرابحة عن طريق الأسهم تمنح انطباعات غير صحيحة عن حركة السوق ومؤشراته السعرية. تصوير: إريك أرازاس

تباينت آراء خبراء ومسؤولين حول إجراء مصارف إسلامية لمرابحات بيع وشراء أسهم في سوق الأوراق المالية، لغرض التمويل الشخصي، ومدى تأثير ذلك في حركة المؤشرات السعرية وأحجام التداول.

وفي وقت اعتبر فيه خبراء أن دخول أي سيولة، أياً كان غرضها، أمر مهم لتنشيط الأسواق، في ظل تدني الأداء العام لها، مقللين من أي تأثيرات سلبية تنعكس على المستثمرين نتيجة قيام مصارف إسلامية بذلك، رأى آخرون أن دخول مصارف إسلامية عبر «شركات تداول» تابعة لها، بشراء أسهم لمصلحة متعاملين، يبيعونها بدورهم لغرض الحصول على تمويل شخصي، يسمح بدخول سيولة غير دائمة، وينتج عنه تداولات مصطنعة تتنافى مع حاجة الأسواق إلى الاستثمار متوسط وطويل الأجل.

وأوضحوا أنه إذا كانت شركات التداول التابعة لتلك المصارف في مقدمة ترتيب الشركات التي تحقق أعلى أحجام تداول، فإن هذا يعني أن هناك تأثيراً يحدث مباشرة على المستثمرين، بمنحهم انطباعات غير صحيحة عن حركة السوق ومؤشراته السعرية.

وتفصيلاً، قال المدير العام لشركة الأنصاري للخدمات المالية، وائل أبومحيسن، إن «قيام مصارف إسلامية بعمليات مرابحة لأغراض التمويل الشخصي، لا يؤثر كثيراً في أحجام التداول التي تعاني في الأصل تراجعاً منذ فترة طويلة».

وأضاف أن «دخول أي سيولة، أياً كان هدفها، يساعد في تنشيط السوق، ويحرك عملية البيع والشراء»، لافتاً إلى أن المصارف الإسلامية تدخل للشراء، لمصلحة المتعامل، ما يعني أن هناك مستثمراً أجرى عملية بيع، ومن ثم يبيع المتعامل المقترض، مرة أخرى لمصلحته، وهذا بدوره يقابله مشتر، ولذلك تتحرك الأسهم بيعاً وشراء أو العكس، ما يعطي زخماً لسوق هو في حاجة شديدة إلى ذلك.

واعتبر مرابحات الأسهم صحيحة، ولا غبار عليها، إذ تظهر على شاشة التداول مثل أي تعاملات أخرى، ولا تتعدى نسبة تراوح بين ‬2 و‬5٪ من حجم التداولات.

وأكد أبومحيسن أن ما يضر فعلاً بالسوق، هو قيام مصارف بالبيع الإجباري، لغلق مراكز مكشوفة، نتيجة اخفاق المتعاملين المقترضين في سداد ثمن أسهمهم، خصوصاً إذا كان السوق منخفضاً، مطالباً بضرورة تدخل هيئة الأوراق المالية، بالتعاون مع المصرف المركزي، لتنظيم التسييل الإجباري للأسهم، الذي يعمق بدوره خسائر الأسواق، ويعيق أي محاولة للتعافي.

جائزة وليست مخالفة

أكدت هيئة الأوراق المالية والسلع، أن التداولات المشار إليها لا تنفذ لمصلحة شركات الوساطة التابعة للمصارف، وإنما تتم من خلالها فقط، إذ إنها تتم لمصلحة الشخص طالب التمويل (المستثمر).

وأوضحت أنه في ما يتعلق بمشروعية هذا النوع من التداولات، فإن آلية الشراء تبدأ بتقديم المستثمر أمراً للوسيط، لشراء أسهم معينة بالكمية التي يحددها المتعامل نفسه، وبما يعادل قيمة التمويل المطلوب من قبله. ومن ثم، فإن للمستثمر مطلق الحرية في بيع الأسهم التي تم شراؤها والاستفادة من المبلغ النقدي (عائد البيع)، أو الإبقاء عليها لأي سبب من الأسباب، مشيرة إلى أن عملية البيع تتم بقرار المتعامل من حيث الكمية، ووفقاً للعرض والطلب في السوق.

وأكدت أنه لا يمكن القول إن التمويل الشخصي يؤدي إلى معاملات صورية، فالعقد بين المستثمر والوسيط يختلف عن العقد بين المستثمر والمصرف الممول. وأضافت أن حقيقة الشراء تمت وفق النظم القانونية المعمول بها في أسواق الدولة، إذ تم تعريف التداول وفقاً للمادة (‬1) من نظام التداول والمقاصة والتسويات ونقل الملكية وحفظ الأوراق المالية على أنه «عمليات بيع وشراء الأوراق المالية».

وعليه، فإن عملية الشراء وفقاً للصورة المذكورة آنفاً، جائزة وسليمة، ولا تعد مخالفة ما لم يشوبها قصد التأثير في الورقة المالية، وإذا قصد ذلك، فإنها تعد مخالفة لقواعد التداول، وتخضع لرقابة الهيئة مثلها مثل بقية التعاملات التي تتم في السوق، بصرف النظر عن كون تلك التداولات اعتيادية، أم أنها تنطوي على عقد تمويل مصرفي.

 

بدوره، اعتبر المدير العام لشركة «البروج» للأسهم والسندات، حسام العامري، أن ما تقوم به مصارف إسلامية من تمويل مرابحات عن طريق الأسهم، أمر جيد للمستثمرين، ولحركة السوق عموماً في ظل شح السيولة الحالي.

وأفاد بأن «نسبة هذه التمويلات محدودة، مقارنة بأحجام التداول اليومية، مشدداً على أهمية تشجيع المصارف على تمويل شركات الوساطة، لتفعيل (نظام التداول بالهامش)، لما في ذلك من منح الفرصة للمكاتب غير التابعة للبنوك، لتمويل المتعاملين معها، وضخ سيولة جديدة تنشط الأسواق. وعدّ ذلك إضافة كبيرة لابد من تعاون المصارف لتحقيقها. على الجانب الآخر، قال المستشار المالي الداخلي لبنك أبوظبي الوطني، زياد دباس، إن «السيولة الناجمة عن تمويل مرابحات الأسهم، مصطنعة، وليست استثماراً حقيقياً متوسطاً أو طويل الأجل»، مؤكداً «الأسواق ليست في حاجة لسيولة سريعة يختفي أثرها بمجرد حصول المتعامل على التمويل». وأضاف أن «مثل هذه التعاملات تؤثر في قرارات المستثمرين، خصوصاً إذا كانت أعلى نسبة تداولات بين شركات الوساطة، تخص تلك التابعة للمصارف الإسلامية، فكيف لا يكون هناك تأثير لها في السوق».

وأشار إلى أن «حركة البيع والشراء، وما يصاحبها من أحجام تداول ليست بغرض الاستثمار، وإنما للحصول على تمويل»، لافتاً إلى أن معظم المرابحات تتم على الأسهم سريعة الحركة، التي تلعب دوراً في المؤشر السعري، ما يجعل بناء قرارات المتعاملين بالبيع أو الشراء تستند إلى معطيات غير دقيقة». وذكر دباس أن «المستثمر الحقيقي يختار الشركة، ويحتفظ بأسهمها فترة معينة، ولا يضطر إلى البيع في وقت غير مناسب، عكس ما تقوم به شركات المصارف الإسلامية، التي تساعد في زيادة عدد المضاربين، نظراً لأن المتعامل يحتاج المال سريعاً، ويجبر على البيع حتى ولو بخسارة ليحصل عليه».

إلى ذلك، قال المحلل المالي أحمد الزبيري، إن «المصارف الإسلامية تلجأ إلى الأسهم، نظراً لأنها سريعة (التسييل) عكس مرابحات السلع والمعادن مثل الذهب أو الفضة»، مستطرداً أنه إذا لم تكن هناك محاذير شرعية، فإن المرابحات إذا كانت بمبالغ قليلة، فإنها لا تؤثر في أداء الأسواق، أما إذا حدث واحتاج بعض المتعاملين إلى مبالغ كبيرة بملايين عدة لاستكمال بناء بيت أو ما شابه، فإنهم يفضلون التعاملات الاسلامية، وهنا، فإنها تؤثر في أداء السهم، ومؤشره السعري، خصوصاً أن معظم المرابحات تتم على الأسهم النشطة السريعة الدوران في السوق، التي تحرك مؤشره الرئيس بنسبة  كبيرة».

في السياق نفسه، أفاد رئيس الرقابة الشرعية في بنك نور الاسلامي، أمجد نصر، بأن «تمويلات المرابحة تقوم على تملك حصص في شركات متطابقة مع الشريعة الإسلامية من خلال الأسهم المشتراة».

وأكد أن «هناك معايير لنشاط الشركة الرئيس لتكون متوافقة مع الشريعة، منها ألا تكون مقترضة أكثر من ‬30٪ من بنوك تقليدية، أو مودعة أكثر من النسبة نفسها لهذه البنوك، وألا تزيد نسبة أصولها الممولة من بنوك تقليدية على ‬30٪ كذلك، وألا تزيد نسبة العائدات المتأتية من أنشطة غير متوافقة مع الشريعة على ‬5٪، كأن تتملك الشركة حصصاً في شركات مثل فنادق أو أخرى أجنبية».

وقال إن «التداولات التي تتم على الأسهم لأغراض التمويل الشخصي في صورة مرابحة، لا غبار عليها، إذ يتم توكيل المتعامل بالشراء نيابة عن البنك الذي يعيد بيعها للمتعامل مرة أخرى، مقابل ربح، ويكون للأخير مطلق الحرية في بيعها وقتما شاء أو الاحتفاظ بها، ولذلك، فإنه لا يمكن القول إنها بيع أو شراء صوري».

 

تويتر