تتضمن بنوداً تقضي بتغيير معدل وطريقة حساب الرسوم والمدة الزمنية للدفع من دون إشعار مسبق

متعاملون: عقود بطاقات الائتمـان مجحفة.. ولا مجال للاعتراض عليها

عقود بطاقات الائتمان تتضمن بنوداً بخط صغير جداً وتتكون من صفحات عدة تصعب مراجعتها. تصوير: أشوك فيرما

وصف حملة بطاقات ائتمانية العقود التي وقعوها مع البنوك لطلب البطاقات الائتمانية بأنها عقود إذعان، إذ إن المتعامل الراغب في الحصول على بطاقة يكون مضطراً إلى قبول جميع الشروط والأحكام، من دون أن يمتلك الحق في الاعتراض أو تغيير تلك الشروط.

وقالوا إن البنوك تستغل حاجتهم للحصول على سيولة لإملاء ما تشاء عليهم من شروط، إذ إن المتعامل لا يكون أمامه سوى القبول بأي اشتراطات يفرضها البنك المصدر للبطاقة، ضمن العقد طالما أنه لا يوجد بديل.

وأضافوا أن النماذج التي يوقع عليها المتعامل مع البنك عادة ما تكون مطبوعة بخط صغير جداً، ومكونة من صفحات عدة، وتالياً لا يستطيع المتعامل قراءة تلك الشروط، ولا يترك له مندوب البنك الفرصة للاطلاع على تلك الشروط أصلاً، فضلاً عن أن المندوب عادة ما يطلب التوقيع على نماذج باللغة الإنجليزية بحجة أنه لا تتوافر لديه نسخة باللغة العربية.

وأشاروا إلى أن مندوبي البنوك يفوتون أي فرصة لقراءة الشروط، بقولهم إنها صادرة عن المصرف المركزي، وإنها موحدة ولا يمكن تغييرها، الأمر الذي لا يترك خياراً أمام المتعامل إلا القبول، نظراً إلى حاجته، داعين المصرف المركزي إلى التدخل بالتعاون مع جمعية المصارف لوضع عقد يراعي مصلحة الطرفين.

من جهتهم، برر مصرفيون لجوء البنوك إلى شروط مشددة في عقود بطاقات الائتمان بحاجتها إلى حفظ حقوقها، نظراً إلى أن كثيراً منها يمنح البطاقات من دون أن يكون للمتعامل حساب لدى البنك، طالما أنه وقع على شيك الضمان، لافتين إلى أن اللجوء إلى القضاء مكلف للبنوك، لذا تحرص على تأمين نفسها من خلال مثل هذه الشروط للعقود.

وأضافوا أن البنك عادة يحتفظ بشيك الضمان، حتى لو لم تتم المعاملة، نظراً إلى وجود بند في الأوراق الموقعة يقضي بحق البنك في الاحتفاظ بأي مستندات تقدم بها المتعامل لأخذ تمويل، ولو مع رفض منحه التسهيل.

إلى ذلك، قال خبير قانوني إن الأصل في أي عقد قانوني أن يتساوى طرفا العقد في الحقوق والالتزامات، وهو ما يختلف عن العقود التي تطلب البنوك من المتعاملين الراغبين في الحصول على قروض أو بطاقات ائتمانية التوقيع عليها، التي ترجح كفة البنك على حساب المتعامل.

وأشار إلى أن تلك العقود تتضمن ضمانات غير واجبة مثل شيك الضمان، الذي يستغله البنك لتحريك دعوى جنائية في حالة تعثر صاحب البطاقة، وذلك خلافاً لطبيعة العلاقة بين المتعامل والبنك، التي هي علاقة مدنية في المقام الأول.

يشار إلى أن عقود بطاقات الائتمان تحوي بنوداً تضمن للبنك الحق في إجراء تغييرات جوهرية في العقد من دون الحاجة إلى إخطار أو موافقة صاحب البطاقة، سواء في تغيير معدل أو طريقة حساب الرسوم أو إيداع شيك غير مؤرخ، أو دفع مبلغ نقدي إضافي، أو التوقيع على أي وثيقة أخرى قد تطلبها المؤسسة المصدرة للبطاقة من وقت إلى آخر.

عقود إذعان

من جانب حملة البطاقات الائتمانية، وصف الموظف، أشرف طه، العقود التي يوقعها متعاملو البنوك الراغبين في الحصول على بطاقة ائتمانية بأنها عقود إذعان.

وقال إن «المتعامل الراغب في الحصول على بطاقة ائتمانية أو قرض يكون في حاجة للسيولة بأي شكل، لذا لا يكون أمامه سوى القبول بأي اشتراطات يفرضها البنك المصدر للبطاقة ضمن العقد، طالما أنه لا يوجد بديل».

وأضاف أن «النماذج التي يوقع عليها المتعامل مع البنك عادة ما تكون نماذج مطبوعة بخط صغير جداً، ومن صفحات عدة، وتالياً لا يستطيع المتعامل قراءة تلك الشروط، ولا يترك له مندوب البنك الفرصة للاطلاع على تلك الشروط أصلا».

وأشار إلى أنه «حتى إذا رفض الشخص الراغب في الحصول على البطاقة الشروط الواردة في العقد، فلن يستطيع فعل شيء، ولن يتغير الأمر طالما أن المصرف المركزي لا يتدخل لتنظيم العلاقة بين الطرفين، ما يتيح للبنوك استغلال تلك العقود للمبالغة في كل شيء، خصوصاً الفوائد وغرامات التأخير».

واتفق مع طه، الموظف علي عبدالله، في أن العقود تضم بنوداً صغيرة وتتكون من صفحات عدة، ما لا يتيح للمتعامل قراءتها في لحظة توقيع العقد، لافتاً إلى أن «المتعامل إذا رفض التوقيع على بعض الشروط تكون النتيجة عدم منحه البطاقة، فإما أن يقبل العقد كما هو أو أن يحرم من البطاقة».

اعتراض

بدوره، قال المحاسب، عصام مصطفى، إنه استقبل في مكتبه مندوب التسويق في أحد البنوك الوطنية، الذي عرض عليه بطاقة ائتمانية.

وأضاف أنه طلب من المندوب قراءة العقد والشروط والأحكام قبل التوقيع عليها، فحاول مندوب البنك المراوغة والضغط عليه للتوقيع فوراً، بحجة أن تلك الشروط صادرة عن المصرف المركزي وأنها موحدة ولا يمكن تغييرها.

وأكد أنه رفض التوقيع من دون قراءة الشروط، وعندما فعل اكتشف أن العقد الذي يطلب من المتعاملين التوقيع عليه مع البنك هو عقد إذعان بكل ما للكلمة من معنى، إذ إنه يتضمن اشتراطات تضمن حقوق البنك ولا تتيح لحامل البطاقة أي حقوق.

وأشار إلى أنه راجع مندوب البنك وأبدى اعتراضه على عدد من الشروط والأحكام الواردة، خصوصاً ما يتعلق بأحقية البنك في تغيير الرسوم والمدة الزمنية للسداد وقتما يشاء، ومن دون إخطار أو موافقة صاحب البطاقة، فأقر مندوب البنك بأن تلك الشروط مجحفة، لكن البنك وضعها لضمان حقه في حال تعثر صاحب البطاقة، وأن الملتزم لن يخضع لتلك الشروط.

«إنجليزية»

شروط وأحكام

رصدت «الإمارات اليوم» الشروط والأحكام الخاصة بالبطاقات الائتمانية التي تصدرها البنوك المختلفة، فاتضح أنها تتضمن عدداً من البنود التي تتيح للبنوك والمؤسسات المالية المصدرة للبطاقات الائتمانية فعل ما تشاء في صاحب البطاقة دون إخطار أو موافقة صاحب البطاقة، سواء في تغيير معدل أو طريقة حساب الرسوم أو إيداع شيك غير مؤرخ، أو دفع مبلغ نقدي إضافي أو التوقيع على أي وثيقة أخرى قد تطلبها المؤسسة المصدرة للبطاقة من وقت إلى آخر.

وتتضمن الشروط والأحكام مثلاً بنداً يقضي بأحقية الجهة المصدرة للبطاقة، وحسب اختيارها المطلق، القيام بتغيير معدل أو طريقة حساب الرسوم السنوية ورسم الإدارة، والرسوم الإضافية ورسم الخدمة ورسم التمويل، وكذا الحد الأدنى المقرر للدفع و/أو رسم التأخير، وكذلك أي رسوم أخرى، إضافة إلى المدة الزمنية التي تكون فيها هذه الرسوم مستحقة الدفع.

ويقضي بند آخر بأحقية الجهة المصدرة للبطاقة في أن تطلب من حامل البطاقة في أي وقت إيداع شيك غير مؤرخ، أو دفع مبلغ نقدي إضافي، حتى لو لم تكن طلبت من حامل البطاقة إيداع مثل هذا الشيك لدى إصدارها البطاقة له، وفي هذه الحالة سيعتبر أن حامل البطاقة فوض المؤسسة بإدخال التاريخ على الشيك المذكور وتقديمه إلى الدفع في التاريخ المدون عليه مقابل أي مبلغ مستحق لها.

ووفقاً لبند آخر، فإنه يحق للمؤسسة المصدرة للبطاقة في أي وقت، ومن دون إنذار مسبق ومن دون توضيح الأسباب، طلب إعادة جميع البطاقات أو أي بطاقة وإنهاء أو تعليق حق حامل البطاقة في استعمالها، ويكون على حامل البطاقة وفور طلب إعادة البطاقة أن يعيدها للمؤسسة مقطوعة إلى نصفين وأن يسدد «كامل الرسوم والالتزامات».

أما قائمة الأحكام العامة للبطاقات، فتشمل بنوداً أقل ما توصف بأنها مجحفة، إذ تتيح للمؤسسة تعيين وكيل لها لتحصيل المبالغ المستحقة من قبل حامل البطاقة كافة، وكذا يكون من حقها في أي وقت كان ومن دون موافقة حامل البطاقة التنازل إلى طرف ثالث عن جميع أو بعض من حقوقها أو التزاماتها، بعد إبلاغ حامل البطاقة أو من دون إبلاغه.

أما أغرب البنود التي وردت في قائمة الأحكام العامة للبطاقات الائتمانية، فهو بند يتعهد فيه حامل البطاقة بأن يوقع على أي وثيقة أخرى قد تطلبها المؤسسة المصدرة للبطاقة من وقت إلى آخر.

كما تتضمن الأحكام أحقية المؤسسة المالية من وقت إلى آخر تغيير الشروط والأحكام من دون إشعار، بما في ذلك شروط دفع حامل البطاقة الرسوم بأنواعها المختلفة، ويعتبر احتفاظ المتعامل بالبطاقة واستخدامه لها على أنه قبول بمثل تلك التغييرات، أما إذا لم يقبل فيمكنه غلق تلك البطاقة مع تطبيق الأحكام الخاصة بإنهاء البطاقة.

وقال المواطن، عيسى عبدالله، إن مندوبي البنوك عادة ما يطلبون من الراغب في الحصول على بطاقة ائتمانية التوقيع على العقد والأوراق المطلوبة باللغة الإنجليزية، بحجة أنه لا تتوافر لديهم نسخة باللغة العربية.

وأضاف أن المتعامل حتى إذا ما طلب نسخة من الأوراق، فيطالبه مندوب البنك بالتوقيع أولاً للإسراع بتنفيذ الطلب، وقد يرفض منحه إياها، وإذا أصر يكون الرد بأن تلك الشروط مطبوعة وموحدة، ومن ثم لا مجال للاعتراض عليها».

وأشار إلى أن «من أهم المشكلات التي تواجه الراغبين في الحصول على بطاقة أن مندوب البنك عادة ما يكون لا يجيد التحدث باللغة العربية، وتالياً حتى إذا شرح المندوب الالتزامات الواجبة على البطاقة فلن يفهم المتعامل، الذي لا يتقن الإنجليزية، شيئاً».

واتفق مع عبدالله الموظف، حسن عبدالعظيم، في أن مندوبي البنوك يتكلمون الإنجليزية غالباً، وقال «عندما أردت التقدم بطلب استصدار بطاقة ائتمانية من بنك محلي، بادرني الموظف بالتحدث بالإنجليزية التي لا أتقنها تماماً، فلم أفهم كل ما يريد».

ولفت إلى أن أهمية أن يتدخل المصرف المركزي بالتعاون مع جمعية المصارف لوضع عقد يراعي مصلحة طرفي العقد معاً، لا أن يغلب كفة البنوك على كفة المتعاملين كما هو حاصل حاليا».

من جهتها، قالت الموظفة عائشة المنصوري، إن موظف البنك أحضر لها جميع الأوراق المتعلقة ببطاقة الائتمان في مكتبها، ووقعت هي بدورها عليها، واعداً إياها بإرجاع نسخة من العقد بعد توقيع الإدارة عليها، وعلى الرغم من مرور عام كامل على تسلمها البطاقة لم تتسلم نسخة من العقد، وعند مراجعة البنك قيل لها إن الموظف ترك العمل، وإنهم سيتواصلون معها لاحقاً ولم يحدث ذلك»، موضحة أنها «تكتشف شهرياً خصومات لم تكن واضحة في العقد، في حين يؤكد لها موظف خدمة المتعاملين مع كل استفسار أنها بنود وقعت عليها فعلاً».

حماية حقوق

إلى ذلك، قال الخبير المصرفي، مؤيد أنطوان، إن «البنوك تحاول حماية حقوقها، التي هي في الأصل أموال مودعين، من خلال وضع عقود محكمة الشروط لحث المتعامل على الالتزام والسداد بانتظام»، مؤكداً أن «البنوك لا تضع عقوداً متشابهة، بمعنى وجود تبادل للخبرات في هذا المجال، وإنما توجد أساسيات قانونية متعارف عليها في وضع عقود تنظم عمل المصارف، بحيث تراعي حقوق البنك أولاً وأخيراً».

وأشار إلى أن «بإمكان المتعامل الذي لا تعجبه بنود أو شروط العقد ألا يتعامل مع البنك، أو أن يلجأ إلى التمويلات التي لا يرى في التوقيع عليها إجحافاً له»، موضحاً أن «عقود بطاقات الائتمان تتضمن شروطاً كثيرة، نظراً إلى إمكانية أخذ أي منها من دون التزام بتحويل الراتب، إذا تكتفي البنوك بتوقيع شيك ضمان».

ولفت إلى أن «اللجوء إلى القضاء لا يعد أمراً هيناً، وهو في الوقت نفسه مكلف للبنوك، لذا تحرص على تأمين نفسها من خلال هذه العقود».

إقرار

بدوره، قال مصرفي، فضل عدم نشر اسمه، إن «عقود بطاقات الائتمان تعد عقود إذعان مضللة»، مضيفاً أن «مندوب التسويق غالباً ما يأخذ كل الأوراق، ولا يمنح المتعامل نسخة من العقد الموقع، إضافة إلى الاحتفاظ بشيك الضمان، حتى لو لم تتم المعاملة، نظراً إلى وجود بند في الأوراق الموقعة يقضي بحق البنك في الاحتفاظ بأي مستندات تقدم بها المتعامل لأخذ تمويل، ولو مع رفض منحه التسهيل، ما يجعل كل شيء في مصلحة البنك الذي يتحكم بالأمر برمته».

وأكد أنه «لا يوجد أي مادة قانونية تقضي باستخدام الشيك كأداة ضمان، لذا يمكن للبنك تحريك دعوى قضائية بموجبه ضد المتعامل حتى لو لم يتم إكمال معاملته، والقضاء ينظر دائماً إلى مثل هذه الحالة على أنها إصدار شيك بسوء نية»، مشدداً على أهمية أن يسترد المتعامل شيك الضمان حال رفضت معاملته أو أنهى علاقته بالبنك بإغلاق البطاقة، لأن ذلك أخطر ما في بنود العقد، إذ يمكن لضعاف النفوس استغلاله».

مساواة في العقد

من وجهة النظر القانونية، يرى المحامي محمد سعيد، أن العقود التي تطلب البنوك من المتعاملين الراغبين في الحصول على قروض أو بطاقات ائتمانية التوقيع عليها هي عقود غير منصفة للمتعامل.

وقال إن «الأصل في أي عقد قانوني أن يتساوى طرفا العقد في الحقوق والالتزامات، وهو ما يختلف عن العقد الموقع مع البنوك، الذي يرجح كفة البنك على حساب المتعامل، ويستغل حاجته للحصول على السيولة لإجباره على الموافقة على الشروط والأحكام التي يرغب فيها البنك من دون منحة فرصة للاعتراض»، موضحاً أن «العقود تتضمن ضمانات غير واجبة، مثل شيك الضمان الذي يستغله البنك لتحريك دعوى جنائية في حالة تعثر صاحب البطاقة، وذلك خلافاً لطبيعة العلاقة بين المتعامل والبنك، التي هي علاقة مدنية في المقام الأول».

وأكد سعيد أن «إلزام البنوك المتعاملين بتوقيع شيك الضمان هو نوع من الاستغلال لحاجة المتعامل أيضاً، إذ ان البنوك تستغله لمساءلة المتعامل جنائياً على إصداره شيكاً من دون رصيد، على الرغم من مخالفة ذلك للقانون».

وأشار إلى أنه «في بعض المعاملات تلزم البنوك المتعامل بتوقيع شيك بكامل مبلغ المديونية، وكذا توقيع عدد من الشيكات تختلف حسب مدة السـداد، وبذلك يكون المتعامل وقع على شيكات بضعف القيمة»، لافتاً إلى أن «سوء النية لم يكن متوافراً عند توقيع العلاقة التعاقدية بين الطرفين، لاسيما أن البنك حين أجبر المتعامل على توقيع ذلك الشيك، كان يعلم أن المقترض ليس لديه الرصيد الكافي لسداد الشيك الذي يقدمه البنك إلى المحكمة في حال التعثر، لأنه إذا كان يمتلك هذا الرصيد، فلن يطلب الحصول على بطاقة ائتمانية أو قرض أساسا».

من جهته، أفاد المستشار المالي، صلاح الحليان، بأن «عقود بطاقات الائتمان، تعد عقود إذعان يكون فيها البنك أو الشركة الطرف الأقوى»، مؤكداً أنه «من حق المتعامل أن يطالب بشيك الضمان حال رفضت معاملته أو سدد التزاماته، إذ يمكن تحريك الدعوى الجنائية بموجبه حتى لو سدد المتعامل ما عليه، فالقانون ينظر إلى الشيك على أنه التزام مالي قائم بذاته، ولا يوضح فيه عادة ارتباطه ببطاقة ائتمان أو غيرها».

تويتر