البنوك لا تسأل عن عددها لدى المتعامل وتكتفي بشيك ضمان

تعدد بطاقات الائتمان يحاصر متعاملين بالديون

غياب الضوابط المصرفية التي تحدد عدد البطاقات الممنوحة للمتعامل يزيد احتمالات تعثره. من المصدر

قال حملة بطاقات ائتمانية إن امتلاكهم أكثر من بطاقة ائتمان أدى إلى تعثرهم مالياً وإغراقهم في الديون، لعدم قدرتهم على الوفاء بأقساطها الكبيرة وفوائدها المتراكمة.

وأضافوا لـ«الإمارات اليوم» أن تساهل البنوك في منح البطاقات في فترات سابقة، وعدم دراسة الوضع المالي للمتعامل وقدرته على السداد، ومطاردة مندوبي التسويق في البنوك للمتعاملين، وإصرارهم على منحهم بطاقات ائتمانية، إضافة إلى عدم تحديد المصرف المركزي ضوابط لتعدد البطاقات التي يحوزها المتعامل، عوامل أسهمت جميعها في جعل متعاملين كثر يفرطون في اقتناء البطاقات، من دون أن يغفلوا أن المتعامل ورّط نفسه باستجابته للإغراءات.

إحصاءات رسمية

لا تصدر إحصاءات رسمية عن عدد بطاقات الائتمان الممنوحة من قبل البنوك في الدولة وحجمها، أسوة بما ينشر شهرياً عن حجم القروض الشخصية أو التمويلات التجارية أو التسهيلات العقارية من قبل المصرف المركزي.

وحاولت « الإمارات اليوم» عمل رصد من كل بنك على حدة، حول البطاقات التي يصدرها، إلا أنه تعذر الحصول على مثل هذه البيانات، بحجة أنه غير مصرح بنشر مثل هذه التفاصيل.

تفاعل قرّاء

تفاعل قراء مع موضوع رسوم بطاقات الائتمان عبر الموقع الإلكتروني لـ«الإمارات اليوم»، ومنهم، بوسلطان، الذي قال إن البنوك اتجهت إلى بطاقات الائتمان، لأن الفائدة عليها تصل إلى 45٪ سنوياً، ما يجعلها أفضل بكثير بالنسبة إليهم من القرض الشخصي.

وقال إن «لديه 13 بطاقة ائتمان، ولا يعرف أي بنك لها، ولم يدخل أي مقر أو فرع لها، ولم يقابل أياً من المسؤولين فيها»، مشيراً إلى أنه «التقى جميع موظفي هذه البنوك في مقاهٍ.

وفي السياق ذاته، قال القارئ حيدر إنه تعلم درساً قاسياً جداً من بطاقات الائتمان، ما دفعه إلى أخذ قرض شخصي سدد به ست بطاقات كان يحملها.


وحدة ائتمان 

 قال مدير الخدمات المصرفية للأفراد في أحد البنوك الوطنية، فضل عدم ذكر اسمه، إن «البنوك تطارد المتعامل الذي تشعر بأنه يمتلك مصدر دخل جيد، ويمكنه سداد التزاماته، فتبادر إلى منحه بطاقة رئيسة، وأخرى للمشتريات عبر الإنترنت، وثالثة ورابعة»، مؤكداً أن «من عوامل تعدد بطاقات الائتمان لدى المتعامل الواحد غياب وحدة مركزية للائتمان المصرفي، تكون مهمتها جمع كل البيانات المتعلقة بجميع متعاملي البنوك، وإتاحتها للاستعلام من قبل أي بنك يريد التعرف إلى التاريخ الائتماني أو الوضع المالي للمتعامل».

ولفت إلى أن «البنوك تتعرض إلى خسارة كبيرة حال مغادرة المتعامل الدولة، إذا كان مقيماً، أما حال كونه مواطناً فهو معرض للتعثر نتيجة كثرة وتنوع البطاقات التي يحملها»، مطالباً أن يطبق قرار المصرف المركزي ـ القاضي بألا تزيد مجموع الأقساط التي يتحملها المتعامل شهرياً عن 50٪ من دخله ـ على أقساط بطاقات الائتمان أيضا»، مؤكداً أن «هذا البند نظم التمويلات الشخصية كثيراً، إلا أنه لم يتعامل مع بطاقات الائتمان، نظراً إلى تعددها وصعوبة حصرها».

ولفتوا إلى أن البنوك لم تطالب المتعاملين بالكشف عن عدد البطاقات التي في حوزتهم، ولم تطلب تحويل الراتب إليها، مكتفية بتوقيعهم على شيكات ضمان على بياض، لضمان ملاحقتهم قانونياً في حال التعثر.

وأشاروا إلى أن تعدد البطاقات التي في حوزتهم زاد من مقدار تعثرهم، لاسيما أن تراكم الغرامات والفوائد جعلهم يلجؤون إلى الحصول على قروض شخصية لسداد الدفعات المستحقة، وإغلاق البطاقات التي تتسم بنسب فائدة مبالغ فيها.

إلى ذلك، قال مصرفيون إن تسويق البنوك البطاقات الائتمانية من دون اشتراط تحويل الراتب، ومن دون مراعاة لتعدد البطاقات التي في حوزة المتعامل لا يعد مخالفة قانونية، إذ لم تحظر القوانين أو تعليمات المصرف المركزي ذلك.

ولفتوا إلى أن اقتناء بطاقة ائتمانية واحدة على الأقل أصبح ضرورة، ويجب على المتعامل اختيار البطاقات التي تلائم أسلوب حياته واحتياجاته.

وأكدوا أنه من الطبيعي أن يختار شخص ما اقتناء بطاقات عدة، لكي يستفيد من المزايا التي توفرها كل واحدة منها، في ظل تعدد واختلاف المميزات التي توفرها كل بطاقة، لكنهم أشاروا إلى أن اقتناء بطاقات عدة من دون الحاجة لاستخدامها بشكل متكرر يعد من الأخطاء الشائعة، إذ يجعل إدارة الموارد المالية أكثر صعوبة وتعقيداً.

بطاقة جديدة

وتفصيلاً، قال الموظف، صلاح عبدالرحمن، إن «مندوبي البنوك طاردوا المتعاملين في الماضي وألحوا عليهم مراراً وتكراراً للحصول على بطاقة ائتمان، مع التركيز على سرد المزايا التي توفرها البطاقة، وأن من يقتنيها لن يتحمل شيئاً، ويمكنه أن يحتفظ بها في جيبه لاستخدامها في حالات السفر والطوارئ»، مضيفاً أن «مشكلته مع البطاقات الائتمانية بدأت بعد أن قرر ـ تحت إلحاح مندوب البنك ـ الحصول على بطاقة ائتمانية لاستخدامها في الشراء ثم يرد المبالغ المسحوبة في صورة مشتريات أو سحب نقدي عند بداية كل شهر».

وأكد عبدالرحمن أنه «لم يواجه أي مشكلات مع البطاقة في البداية عندما كان يسدد كامل المبلغ المسحوب، لكنه بعد فترة وجد أن البنك يطالبه بمبالغ كبيرة مستحقة على البطاقة بسبب تراكم الغرامات والفوائد، إذ كان يخطئ في سداد الحد الأدنى، ظناً منه أن هذا السداد سيعفيه من الفوائد وغرامات التأخير، وهو أمر ثبت عدم صحته في ما بعد».

وأشار إلى أنه «اضطر إلى استصدار بطاقة جديدة من بنك مختلف لسحب مبالغ مالية بها تساعده على جدولة المديونية المستحقة على البطاقة الأولى، وتلافي زيادة الفوائد وغرامات التأخير، لكن الأمر تكرر، فأصدر بطاقة ثالثة، وكانت المحصلة في النهاية مزيداً من تراكم الديون».

إقرار بالمسؤولية

من جهته، أقر المتعامل، خليل زيدان، بمسؤوليته عن المشكلات التي يعانيها مع البطاقات الائتمانية، إذ أفرط في الحصول على بطاقات ائتمان تحت ضغط وإلحاح مندوبي التسويق في البنوك، ومن دون أن يكون في حاجه فعلية لها.

وقال: «في البداية كنت منبهراً بالمزايا التي توفرها البطاقات، مثل الحصول على موقف سيارة مجاني في المراكز التجارية الكبيرة، وكذا أحقية الدخول لصالات كبار الزوار في المطارات، فضلاً عن الحصول على تذاكر سينما وحسومات في المناطق الترفيهية والسينمات»، مضيفاً أنه «شيئاً فشيئاً أصبح يطلب من مندوبي البنوك اقتناء أي بطاقة جديدة للحصول على مزاياها، خصوصاً أن البنوك لم تكن تستفسر عن عدد البطاقات التي في حوزتي، وكانت تكتفي بتوقيعي شيك ضمان للبطاقة».

وأوضح زيدان أنه بعد فترة اكتشف تراكم الرسوم السنوية والفوائد على البطاقات التي يقتنيها، التي وصل عددها إلى ثماني بطاقات، فسدد كامل المبلغ المستحق على أربع منها وأغلقها، ومازال يسدد المبالغ المستحقة على البطاقات الأخرى.

تعدد البطاقات

إلى ذلك، قال المتعامل سعيد علي، إنه يتلقى من البنوك اتصالات تدعوه إلى أخذ بطاقة ائتمان كل شهر تقريباً، إلى أن وصل عدد البطاقات التي يحملها إلى 10 بطاقات تختلف مبالغها، وكل ذلك مقابل التوقيع على شيك ضمان، مؤكداً أنه اعتاد سداد أقساط البطاقات من بعضها بعضاً، بمعنى سحب مبالغ من عدد منها وسداد الدفعات الشهرية للبقية.

وأضاف أنه اضطر في النهاية، مع الضغط المتزايد للالتزامات المتأتية من البطاقات، إلى أخذ قرض شخصي لسدادها، إلا أنه لم يستطع سدادها كلها، مشيراً إلى أنه أصبح يتلقى اتصالات شبه يومية من أقسام التحصيل نتيجة تأخره عن السداد، موضحاً الصعوبة البالغة في غلق بطاقاته حالياً، نظراً لتكدس المبالغ المستحق دفعها مع الفوائد».

من جانبه، قال المتعامل، ماجد أنور، إنه امتلك لمدة عام تقريباً بطاقتي ائتمان، إحداهما من بنك محلي، والثانية من بنك دولي يعمل في الإمارات، موضحاً أنه اكتفى بسداد نسبة الحد الأدنى البالغة 5٪ شهرياً من مجمل استخدامه من البطاقة، لكنه فوجئ بتراكم فوائد على بطاقة البنك المحلي حتى وصل مجموع مطالباته إلى 20 ألف درهم.

وأكد أنه اضطر إلى أخذ قرض شخصي لسداد البطاقة، مكتفياً بالبطاقة الثانية، لكنه اشترط على البنك سداد 100٪ من قيمة استخدامه من البطاقة بمجرد دخول الراتب إلى الحساب، ما يضمن عدم تراكم الفوائد عليها. وأضاف أن كل من يحمل بطاقة ائتمان يشعر بالندم مع ضغوط الأقساط، خصوصاً أنه من الصعب جداً معرفة الكيفية التي تحسب بها الفوائد أو تفرض بها الرسوم.

إغراءات

وفي السياق ذاته، قال المواطن سالم خليفة إنه على مدار العامين الماضيين حمل خمس بطاقات ائتمان من بنوك عدة، بقيمة وصلت إلى 400 ألف درهم، بسبب إغراءات موظفي التسويق، الذين يرسمون صورة وردية للمتعامل عن مزايا البطاقة، وإلحاحهم، مشيراً إلى أن المتعامل يفاجأ بحجم الخطأ الذي ارتكبه في حق نفسه بتصديق هؤلاء الموظفين، الذين لا همّ لهم إلا الحصول على العمولة.

وأوضح أنه مطالب الآن بسداد قيمة هذه البطاقات جملة واحدة، نتيجة تعثره في السداد ورفع البنوك قضايا عليه، داعياً الجهات الرقابية إلى وضع نظام خاص بالبطاقات، يلزم بألا تتجاوز قيمة البطاقة ضعفي أو ثلاثة أضعاف الراتب، وليس كما يحدث حالياً من منح متعاملين 20 أو 30 ضعف الراتب، ما يغريهم بالإنفاق ببذخ.

بطاقة على الأقل

من جهته، قال رئيس قسم البطاقات واستراتيجية العمل في بنك رأس الخيمة الوطني، «راك بنك»، أنيل تشاندر، إن «بطاقات الائتمان أصبحت خياراً ضرورياً للدفع، ومن الضروري أن يمتلك الفرد بطاقة ائتمانية واحدة على الأقل».

وسوغ ذلك بأن «مزايا البطاقات الائتمانية تختلف من بطاقة لأخرى، ويجب على المتعامل نفسه اختيار البطاقات التي تلائم أسلوب حياته واحتياجاته، إذ قد يختار شخص اقتناء بطاقات عدة، لكي يستفيد من المزايا التي توفرها كل واحدة منها»، مؤكداً أنه «من المستحب أن يمتلك الشخص بطاقة ائتمانية واحدة على الأقل».

ونبه تشاندر إلى أن «اقتناء بطاقات ائتمانية عدة من دون الحاجة إلى استخدامها بشكل متكرر يعد من الأخطاء الشائعة، لاسيما أن ذلك قد يجعل إدارة الموارد المالية أكثر صعوبة وتعقيداً»، لافتاً إلى أهمية مراعاة عدد من النقاط عند المقارنة بين البطاقات الائتمانية التي تصدرها البنوك المختلفة، إذ يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الخصائص والمزايا والشروط والرسوم الخاصة بالبطاقة.

اختيار البطاقة

من جهته قال نائب الرئيس، مدير «ماستركارد» في الإمارات، إياد الكردي، إن «من المهم جداً للمستهلكين معرفة ماذا يريدون من البطاقة قبل اقتنائها، وهناك عوامل عدة تجب مراعاتها عند مقارنة بطاقات الائتمان المختلفة، مثل سمات البطاقة، القبول العالمي، الرسوم السنوية وغيرها»، مؤكداً أن «بطاقات الائتمان تعمل وفقاً لمبدأ (اشترِ الآن، ادفع لاحقاً)، وتوفر للمستهلكين خطاً ائتمانياً عبارة عن الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن لحامل البطاقة سداده باستخدام بطاقته».

وأوضح الكردي أن «من العوامل الرئيسة التي يجب إدراكها عند اختيار البطاقة الائتمانية كلاً من معدلات الفائدة، إذ تحدد الكلفة التي تدفع على البطاقة مع مرور الوقت، فمعدل الفائدة السنوية هو معدل النسبة التي تدفعها على الرصيد المستحق في شكل فوائد، بمعنى الرسوم التي يدفعها صاحب البطاقة لقاء استخدام الأموال المقترضة، إذ يتم تحديد الفوائد كنسبة مئوية من الرصيد المستحق على البطاقة من خلال المشتريات وغيرها»، لافتاً إلى أن «العامل الثاني الذي تجب دراسته، هو برامج المكافآت، الذي يرتكز عادة على النقاط التراكمية القائمة على المشتريات أو المعاملات بواسطة البطاقة، وتعزز المكافآت قيمة بطاقات الائتمان، لأنه يمكن استبدالها بحوافز تشمل منتجات وخدمات متنوعة منها السفر، العطلات وغيرها».

شيك على بياض

وقال مدير التسويق في أحد المصارف الإسلامية، فضل عدم ذكر اسمه، إن «البنوك التقليدية والمصارف الإسلامية تراعي عدداً من النقاط لمنح المتعامل بطاقة ائتمانية، ليس منها معرفة عدد البطاقات الائتمانية التي في حوزته، أو اشتراط تحويل راتبه إلى البنك».

وأضاف أن «التركيز يكون فقط على الراتب الشهري، وتناسب قيمة البطاقة مع الراتب، وكذا في الحصول على شيك ضمان (على بياض)، ليكون أداة وفاء للمديونية المترتبة على استخدام البطاقة، وليمكن للبنك استخدامه للضغط واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتعامل الذي يتوقف عن سداد الالتزامات المستحقة على البطاقة».

وأشار إلى أن «تسويق البنوك البطاقات الائتمانية من دون اشتراط تحويل الراتب، ومن دون مراعاة تعدد البطاقات التي في حوزة المتعامل لا يعد مخالفة قانونية، إذ لم تحظر القوانين أو تعليمات المصرف المركزي ذلك»، لافتاً إلى أن «إلحاح مندوبي التسويق في البنوك على المتعاملين لمنحهم بطاقات ائتمانية كان أمراً طبيعياً في ظل المنافسة القائمة بين البنوك على تسويق أي خدمة مصرفية، لكن الأمر اختلف حالياً، إذ اصبح تركيز البنوك على تسويق الخدمات المصرفية، بما فيها البطاقات الائتمانية، على المتعاملين الملتزمين من ذوي التاريخ الائتماني الجيد والخالي من التعثر».

مزايا

بدوره، قال الخبير المصرفي، محمود عبدالله، إن «بطاقات الائتمان لها مزايا عدة للمتعامل الذي يحسن استخدامها، لكن للأسف الأغلبية العظمى من متعاملي البنوك يأخذونها دون داعٍ حقيقي، لمجرد الاستجابة لإغراءات التسويق، أو لسداد التزامات في بنوك أخرى، ما يجعل المتعامل في النهاية يحمل عدداً كبيراً منها لا يستطيع الإيفاء بالتزاماته غالباً».

واقترح في سبيل حل هذه المشكلة اشتراط أن يكون البنك المانح للبطاقة هو نفسه الذي يستقبل الراتب الشهري للمتعامل، ما يحكم السيطرة على عدد البطاقات الممنوحة للمتعامل الواحد.

تويتر