دعوا إلى دراسة فكرته جيداً وطالبوا بالتركيز على الاستثمار المحلي الآمن

خبراء: صندوق «معاشات الوافدين» يدعم استقرار العمالة والأسواق

منح وزارة المالية 5٪ من الاكتتابات الأولية في السوق المالي تجربة إماراتية ناجحة. تصوير: إريك أرازاس

قال خبراء واقتصاديون إن فكرة إنشاء صندوق معاشات للمتقاعدين من الوافدين في دبي ، سيحقق استقراراً للعمالة الوافدة، ويمنح الاقتصاد المحلي ثقة أكبر، لافتين إلى أن الصندوق مشروع انساني وحضاري بالدرجة الأولى، ويلعب دوراً بارزاً في انعاش حركة الاستثمارات والسيولة في الأسواق المحلية، ما ينعكس على حياة المقيمين في الإمارة.

وأكدوا أن هذا الصندوق سيوفر ضماناً كافياً لحقوق العاملين، وسيزيد من الثقة في قطاع الأعمال بشكل كبير. وربطوا نجاح الصندوق بجوانب أخرى مثل الخدمات التي ستوفر للمشتركين، والاستراتيجية التي سيتبعها الصندوق لاستثمار هذه المبالغ، وإيضاح مسائل التنظيم التي تتعلق بإنشائه.

وكانت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، كشفت أخيراً عن دراسة أولية تجريها حول إنشاء صندوق معاشات للمتقاعدين من الوافدين في القطاعين العام والخاص.

وتفصيلاً، قال المدير التنفيذي لمركز دبي للإحصاء، عارف المهيري، إن «فكرة إنشاء صندوق معاشات للمتقاعدين الوافدين في دبي، ستحقق استقراراً للعمالة الوافدة، وتوفر الضمان الكافي لهم، كونهم جزءاً من دائرة الأعمال في الدولة»، مشيراً إلى أن «من شأن هذا الصندوق أن يمنح الاقتصاد المحلي والأسواق ثقة أكبر».

وأضاف أن «استثمارات هذه الصناديق ستدعم انتعاش الأسواق المحلية، ما يزيد من حجم السيولة في الأسواق»، مبيناً أن «المتوسط المقترح للاستقطاع يوافق المعايير الدولية، وهو ما تسعى إليه دبي».

وحول إلزامية انضمام الوافدين للصندوق، قال المهيري إن «الخيارات ستكون متعددة أمام الحكومة، إلا أن جعل الصندوق إلزامياً للمشتركين، سيأتي بالكثير من النفع في حفظ حقوق العاملين، ويقلل من المنازعات بينهم وجهات العمل، فضلاً عن مشكلات مكافآت نهاية الخدمة، الأمر الذي سيقلل بدوره من الضغط على جهات العمل والمحاكم، ودورها في ضبط سوق العمل».

«اقتصادية دبي»: الصندوق فكرة تدرسها الدائرة

 

قال نائب المدير العام لشؤون التخطيط والتنمية، في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، علي إبراهيم، إن «الدائرة تعكف حالياً على دراسة العديد من المبادرات التي من شأنها تحسين البيئة الاستثمارية، وزيادة عوامل الجذب في دبي».

وأوضح في بيان أمس أن «الدراسة المتعلقة بإنشاء صندوق معاشات المتقاعدين من الوافدين في القطاعين العام والخاص، تأتي واحدة من تلك المبادرات»، مؤكداً أنها «لاتزال في مراحلها البدائية من ناحية دراسة الفكرة، وإمكانية تطبيقها وانعكاساتها المحتملة».

وأفاد بأن «الدائرة شكلت لهذا الغرض فريقاً متخصصاً لدراستها، وبالتالي رفع النتائج إلى الجهات المعنية لاتخاذ اللازم».

وأكد أنه «انطلاقاً من مبدأ الشفافية والشراكة الدائمة مع مختلف الجهات المعنية، ستعلن الدائرة رسمياً عن أي مبادرات تقوم بها عموماً، وهذه المبادرة خصوصاً عند استكمالها لمراحل البحث والدراسة، والحصول على موافقة الجهات المعنية بها».

وأشار إلى أن «نسب النجاح التي يتمتع بها المشروع كبيرة»، مؤكداً أن «النموذج مطبق في العديد من دول أوروبا، وعليه فإن نسبة نجاح الصندوق كبيرة».

من جانبه، قال المستشار الاقتصادي، محمد العسومي، إن «طرح فكرة صندوق معاشات للمتقاعدين سيلعب دوراً قوياً ومهماً في الحياة الاقتصادية لدبي».

وأضاف أن «صناديق التقاعد والتأمينات في العالم، تسهم بحجم استثمارات ضخمة، تؤثر بشكل كبير في حركة الاستثمارات العالمية، ما يصب في مصلحة دبي»، مبيناً أن «هذا النظام متبع في أوروبا، إذ إن هناك العديد من الدول التي تقدم نظام تقاعد لغير المواطنين فيها».

وأوضح أن «النفع لن يطول دبي أو الجهات الحكومية، إذ إن من شأن الصندوق ان يوفر مزيداً من الثقة للعاملين، فضلاً عن تحسن معيشتهم الاقتصادية».

وحول نسب الاستقطاع، قال العسومي، إن «نسبة اقتطاع الراتب دائماً ما يتم احتسابها وفقاً للعائد الذي سيحصل عليه المتقاعد»، مؤكداً أن «نجاح هذا الصندوق يعتمد على ثلاث نقاط هي: خطة الاستثمارات المتبعة، والعائد الاستثماري للصندوق، ودفع مستحقات المؤمّن عليهم».

وفي السياق ذاته، قال رئيس الاستثمار في شركة «كاب أم» للاستثمار، محمد علي ياسين، إن «هناك أسئلة عدة تتعلق بإنشاء صندوق معاشات للمتقاعدين الوافدين من القطاعين العام والخاص، تنحصر مجملها في الخدمات التي ستوفر للمشتركين فيها بالدرجة الأولى».

وأضاف أن «الموضوع ليس مجرد تأسيس صندوق، بقدر ما هي مسائل إدارية تتمثل في كيفية استثمار هذه المبالغ، وهل ستتركز في السوق الداخلية أم ستتجه لاستثمارات خارجية»، لافتاً إلى أن «نحو 90٪ من استثمارات الصناديق في أوروبا توجد في الأسواق المحلية».

وشدد ياسين على ضرورة أن تكون استثمارات صندوق التقاعد في إطار محلي، نظراً للمخاطر التي تحط بالاستثمارات العالمية، موضحاً أن «الفكرة ستكون إلى حد ما شبيهة بمبالغ نهاية الخدمة التي يحصل عليها الموظف من الشركات التي يعمل بها».

ودعا إلى أهمية إيضاح الأمور، والخدمات التي ستقدم للمتقاعد، ومسائل التنظيم التي تتعلق بإنشاء الصندوق للمتقاعد وللشركات العامة والخاصة التي يعمل بها العمال، لافتاً إلى أن «مشاركة الفرد في هذه الصناديق، يترتب عليها تنظيم مسائل تتعلق بتأشيرات الإقامة أيضاً».

إلى ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد البنا، أنظمة التقاعد الخاصة بمعاشات الأجانب جيدة. وقال إن «من السهل تطبيقه في دول عدة، إلا أن هناك اختلافاً في الإمارات بين نظام العمل والتأشيرات، ولذلك فإن الموضوع يحتاج إلى مزيد من الدراسة، وآلية عمل واضحة محددة، يحفظ فيها للعامل حقوقه وحقوق الشركات، سواء أكانت إماراتية أو أجنبية».

أما الخبير الاقتصادي، وضاح الطه، فأفاد بأن «فكرة وضع نظام تقاعد للوافدين، مشروع حضاري وإنساني أساساً، قبل البحث عن الجوانب الاستثمارية الأخرى»، مشيراً إلى فوائد كثيرة تنتج عن تطبيقه، من خلال تجميع الأموال، وإعادة ضخها مرة أخرى في الاقتصاد.

وأضاف أن «كل الدول المتقدمة تطبق هيكلاً واضحاً للتقاعد بصرف النظر عن الجنسية»، موضحاً أن «عدداً كبيراً من غير المواطنين يعملون في الدولة فترة طويلة، ويفترض أن يكون أداؤهم متكاملاً، بمعنى وجود نظام تقاعدي تنتهي به خدماتهم، يوفر لهم حالة من الاطمئنان باستمرارية الدخل، دون أن يقتصر الأمر على مكافأة نهاية الخدمة فقط». وأشار إلى أن «أقساط التقاعد تدار بطرق مختلفة عن بقية المحافظ الاستثمارية، وهناك تجارب ناجحة كثيرة، منها مثلاً ما يحدث في ماليزيا عن طريق السماح للحكومة باستثمار جزء منها في البنية التحتية، ما يعد استثماراً مضموناً ويؤمّن عائداً جيداً».

وأكد أن «صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي عادة ما تكون متحفظة في دخول المجالات المختلفة للاستثمار، كونها ملكاً لمشتركين كبار السن، ومن الصعب المجازفة بها، أو دخول سوق الأسهم بشكل عشوائي»، مشيراً إلى تجربة ناجحة في الإمارات تمثلت في منح وزارة المالية حق الاكتتاب حتى نسبة 5٪ من الاكتتابات الأولية، ما يعد استثماراً جيداً، خصوصاً مع تحسن السوق.

وقال إن «نجاح نظام التقاعد في أي دولة يعتمد على وضوح الهيكلية التي يتم بها احتساب نسب الاقتطاع والمبالغ المؤمّنة، بعد بلوغ السن المحددة، وغيرها من التفاصيل التي تؤسس لحالة من الارتياح لدى المستفيدين».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي، حمد حارث المدفع، إن «الفكرة جيدة، ولكن يجب أن تدرس من الجوانب كافة، مع الاستعانة بتجارب ناجحة مماثلة».

وأضاف أن «هناك مزايا عدة جراء وضع نظام تقاعدي للجميع، منها أن يكون لشركات القطاع الخاص حصة لا بأس بها من الأقساط، ما يمكن من إعادة ضخها في مجالات عدة، وبالتالي تحرك السوق، وتنشط القطاعات الاقتصادية المختلفة».

تويتر