قال إن 20٪ من ودائعها مستثمرة في الخارج

الغرير: البنوك سوّقت منتجات لا يحتاج إليــها المتعاملون

الغرير توقع أن تحقق البنوك نمواً في أرباحها بمعدل يراوح بين 10 و 15٪ العام الجاري. الإمارات اليوم

انتقد الرئيس التنفيذي لـ«بنك المشرق»، عبدالعزيز الغرير، طمع البنوك وسعيها لزيادة أرباحها في السنوات الماضية، عن طريق بيع خدمات ومنتجات مصرفية للمتعاملين تزيد على حاجتهم الفعلية.

وأكد أن «البنوك أفرطت في تسويق منتجات مصرفية للمتعاملين من دون دراسة قدرتهم الفعلية على السداد، ما أدى إلى أن يحمل متعامل واحد 15 بطاقة ائتمانية صادرة عن بنوك مختلفة، وأن يزيد عدد القروض العقارية التي يحصل عليها المتعامل، على 10 تمويلات»، داعياً إلى إيجاد مكتب يوفر المعلومات الائتمانية عن البطاقات الائتمانية الخاصة بالمتعاملين على مستوى اتحادي، ما يفيد البنوك والحكومة والأفراد في تحقيق الانضباط المالي المنشود.

وكشف الغرير، خلال مؤتمر (ميد للخدمات المصرفية للأفراد)، الذي عقد في دبي، أمس، عن توظيف البنوك المختلفة نسبة تصل إلى 20٪ من إجمالي ودائعها في استثمارات في الخارج بسبب عدم وجود قنوات استثمارية مناسبة، وعدم قدرة الاقتصاد الإماراتي على استيعاب السيولة المتوافرة في البنوك الوقت الحالي.

وأشار إلى أهمية تفعيل دور مكتب الدين العام في الإمارات، لإصدار سندات حكومية قادرة على امتصاص السيولة المتوافرة لدى البنوك، ولتكون البديل الاستثماري المناسب الذي يسترجع السيولة الموظفة في الخارج.

تدني الفائدة

الاستثمار في الأسهم

أكد الرئيس التنفيذي لـ«بنك المشرق»، عبدالعزيز الغرير، أن «القطاع المصرفي في الإمارات محصن ضد تداعيات أزمة الديون السيادية في أوروبا، نظراً إلى عدم وجود علاقة مباشرة»، موضحاً أن «تأثير تلك الأزمة انعكس على أسواق الأسهم المحلية بسبب العامل النفسي وحالة الذعر التي سيطرت على المستثمرين في البورصات العالمية».

ولفت إلى أن «الاستثمار في أسواق الأسهم المحلية أصبح مناسباً في الوقت الحالي بعد انخفاض أسعار معظم الأسهم لمستويات تقل عن قيمتها الدفترية».

وعن إحجام البنوك عن توفير قروض لشراء الأسهم، أفاد بأن «البنوك توفر القروض لشراء الأسهم، لكن يجب على المستثمر أن يوفر نسبة من حجم محفظته الاستثمارية من سيولة متوافرة لديه، حتى لا يخسر في حال قيام البنك مضطراً بتسييل تلك الأسهم عند انخفاض قيمتها السوقية عن الحد المسموح به».

وعن توقف الصناديق الاستثمارية التابعة للبنوك عن التعامل في أسواق الأسهم، على الرغم من وجود قناعة عامة لدى القيادات المصرفية بأن أسعار الأسهم وصلت إلى مستويات تاريخية مغرية للشراء، أجاب الغرير بأن «محافظ البنوك لا يمكنها أن تعدل بمفردها من أوضاع سوق الأسهم في أي دولة، لأن الأمر يعتمد على الأوضاع الاقتصادية المحلية والدولية وعلى أداء الشركات والقطاعات الاقتصادية».

وقال إن «محافظ البنوك تنتقي في الوقت الحالي الأسهم التي تتعامل عليها، بحيث تحقق عوائد أفضل للمستثمر المساهم في تلك المحافظ عن العائد الذي يمكن أن يحققه من التعامل بمفرده».

وتفصيلاً، حذر الرئيس التنفيذي لبنك المشرق، ورئيس المجلس الوطني الاتحادي السابق، عبدالعزيز الغرير، من إمكانية تحول الأموال إلى خارج القطاع المصرفي بسبب انخفاض الفائدة على الودائع المصرفية.

وقال إن «تدني أسعار الفائدة المصرفية لن يشجع الأفراد على الادخار وتحويل أموالهم إلى ودائع بنكية، وإنما سيعيد النمط الاستهلاكي ويزيد الاقتراض من البنوك، وهي ظاهرة سلبية خطرة»، داعياً إلى تحرك حكومي لإيجاد محفزات تشجع الأفراد على الادخار وزيادة ودائعهم المصرفية، بعيداً عن التدخل المباشر بقرار رفع أسعار الفائدة.

وتوقع الغرير أن «تحقق البنوك العاملة في الدولة نمواً في أرباحها بمعدل يراوح بين 10 و15٪ العام الجاري، ثم تحقق نمواً بنسبة تراوح بين 10 و20٪ في العام المقبل»، عازياً ذلك إلى استقرار القطاع المصرفي في عام 2011 بعد مروره بالأسوأ خلال العامين الماضيين، وظهور مؤشرات تدعو إلى التفاؤل، مثل توقع تحقيق الاقتصاد الإماراتي نمواً إيجابياً في العام الجاري، وبدء انتعاش عدد من القطاعات الاقتصادية مثل السياحة والتجارة والقطاع العقاري والفندقي وغيرها».

ونبه إلى أن «وضع بنوك مركزية في دول خليجية قواعد صارمة أدى إلى عدم قدرة المصارف المحلية على التوسع في الدول الخليجية، إذ اشترطت تلك الدول ألا تفتتح البنوك الخليجية سوى فرع واحد في الدولة، ما جعل عملية توسع البنوك خليجياً غير مجدية لعدم جدوى تقديم خدمات مصرفية للأفراد من خلال فرع واحد.

وقال إن «هذه الاشتراطات جاءت مخالفة لتوجهات قادة الدول الخليجية من ضرورة تفعيل اتفاقات التعاون الخليجي وتيسير التجارة»، متوقعاً أن «تتوسع البنوك الخليجية في تقديم الخدمات المصرفية في الدول الخليجية المختلفة خلال السنوات الـ10 المقبلة نتيجة لزيادة مطالبات المتعاملين بتسهيل عمل البنوك الخليجية في الدول المختلفة».

جشع البنوك

وفي تعقيبه على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول زيادة أرباح البنوك من رسوم الخدمات المصرفية وتأثير ذلك في المتعاملين، انتقد الغرير جشع البنوك وسعيها في السنوات الماضية إلى زيادة أرباحها عن طريق بيع خدمات ومنتجات مصرفية للمتعاملين تزيد على حاجتهم الفعلية.

وأوضح أن «البنوك أفرطت في تسويق منتجات مصرفية للمتعاملين من دون دراسة قدرتهم الفعلية على السداد، ما أدى إلى أن يحمل متعامل واحد 15 بطاقة ائتمانية صادرة عن بنوك مختلفة، وأن يزيد عدد القروض العقارية التي يحصل عليها المتعامل على 10 تمويلات، الأمر الذي أسهم في المبالغة في أسعار العقارات، إذ كانت الأسعار ترتفع بنسبة 10٪ شهرياً وقت الطفرة العقارية».

وأشار إلى أن «غياب مكتب يوفر المعلومات الائتمانية عن متعاملي البنوك، خصوصاً في مجال البطاقات الائتمانية جعل الإقراض (يتم في الظلام)، إذ كانت البنوك تمنح القروض والبطاقات الائتمانية من دون أن تتوافر لديها أي معلومات عن عدد البطاقات التي في حوزة المتعامل وقدرته على السداد».

وأكد أن «البنوك غيرت استراتيجيتها في الوقت الحالي، خصوصاً في ظل نظام القروض الشخصية الجديد، الذي أقره المصرف المركزي، بحيث لا تقدم على توفير أي عمل أو منتج مصرفي يخل بموازنة الفرد»، مشدداً على أهمية إيجاد مكتب يوفر المعلومات الائتمانية الخاصة بالمتعاملين على مستوى اتحادي، الأمر الذي يفيد البنوك والحكومة والأفراد في تحقيق الانضباط المالي المنشود».

وحول إلغاء بنك أخيراً رسوم الخدمات المصرفية، أكد الغرير أن «زيادة الخدمات المصرفية الإلكترونية التي توفرها البنوك تسهم في تخفيض الرسوم التي تتقاضاها».

إقبال المتعاملين

وقال الغرير إن «المشكلة التي تواجهها البنوك في الوقت الحالي هي عدم إقبال الأفراد (خصوصاً كبار السن) على الخدمات المصرفية الإلكترونية التي توفرها لهم، على الرغم من تميزها وسهولة استخدامها»، داعياً البنوك إلى بذل مزيد من الجهد في تثقيف المتعاملين وتعريفهم بمزايا الخدمات المصرفية الإلكترونية من خلال تعليمهم وتدريبهم علي كيفية الاستفادة من الخدمات الإلكترونية، مثل (الإنترنت بانكنج) و(الموبايل بانكنج) أثناء زيارتهم لفروع البنك»، مسوغاً ذلك بأن «إقبال المتعاملين على هذه الخدمات سيمكن البنوك من تقليل الكلفة من خلال تقليل عدد ساعات عمل الفروع وتقليل عددها في المستقبل».

ونفى إحجام البنوك عن توفير التمويلات للقطاع التجاري والأفراد، عازياً ذلك إلى أن أرباح البنوك لن تنمو في ظل تدني الإقراض، وهو أمر لا تريده البنوك فعلياً.

صعوبات

وأكد الغرير أن «البنوك تواجه صعوبة في الإقراض تتمثل في شح نوعية المتعاملين الجيدين الذين يمكن أن تقرضهم، إذ إن المتعامل الجيد في القطاع التجاري يريد تخفيض اقتراضه، في حين أن المتعامل المتعثر هو الذي يطلب الحصول على تمويل».

وقال إن «من الصعوبات الأخرى أن المشروعات الكبيرة على مستوى القطاع الاقتصادي أصبحت قليلة مقارنة بسنوات الطفرة»، مضيفاً أن «البنوك تريد التوسع في الإقراض لتوظيف السيولة المتوافرة لديها، لكن من دون أن تعود للوضع الخاطئ الذي كانت عليه من حيث توفير القروض من دون التأكد من أن المتعامل لن يتعثر في المستقبل».

وكشف الرئيس التنفيذي لبنك المشرق، في تصريحات للصحافيين، عن أن «عدم وجود قنوات استثمارية مناسبة، وعدم قدرة الاقتصاد الإماراتي على استيعاب السيولة المتوافرة في الوقت الحالي، جعلا البنوك العاملة في الدولة تقرر توظيف الفائض الكبير من السيولة لديها في استثمارات في الخارج»، مؤكداً أن «نسبة تراوح بين 15 و20٪ من مجموع الودائع في البنوك المختلفة مستثمرة في الخارج في أدوات استثمارية منخفضة المخاطرة، مثل السندات الحكومية وغيرها».

ودعا الغرير، إلى تفعيل دور مكتب الدين العام في الإمارات، لإصدار سندات حكومية قادرة على امتصاص السيولة المتوافرة لدى البنوك، ولتكون البديل الاستثماري المناسب الذي يسترجع السيولة الموظفة في الخارج.

وقال إن «الإمارات مؤهلة للاستفادة من حالة عدم الاستقرار التي توجد في عدد من الدول العربية، نظراً للاستقرار السياسي وتوافر مقومات جذب الاستثمار الأجنبي من بنية تحتية وتشريعات متطورة وفكر تجاري، وهي عوامل تم بناؤها على مدار سنوات طويلة من العمل».

وخلال المؤتمر تسلّم الغرير جائزة الريادة في الخدمات المصرفية المقدمة من «ميد».

تويتر