محمد بن راشد اعتبر «المنتدى العالمي للطاقة» خطوة لحماية البيئة العالمية وضمانـة للأجيال المقبلة

خبراء: الإمارات الأولى إقليمياً فـي استخدام الطاقة المتجدّدة

محمد بن راشد ومحمد البرادعي وأبوبكر زين العابدين عبدالكلام خلال افتتاح «منتدى الطاقة» أمس. تصوير: دينيس مالاري

أثنى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال افتتاحه «منتدى دبي العالمي الأول للطاقة»، مساء أمس، على فكرة تنظيم واستضافة هذا الحدث العالمي المتخصص في قطاع الطاقة لخدمة البشرية وتوفير بدائل للطاقة التقليدية، بحيث نضمن مستقبلاً زاهراً للأجيال العالمية اللاحقة وحماية البيئة العالمية من الدمار.

إلى ذلك قال خبراء ومشاركون في المنتدى إن الإمارات تتبوأ موقع الريادة على مستوى المنطقة في استخدام الطاقة النووية والمتجددة.

مشروعات دولية مشتركة للطاقة المتجددة

أشار الرئيس السابق للهند، أبوبكر زين العابدين عبدالكلام، إلى أن «مسقبل الطاقة، في ظل التراجع الدائم لمخزون الوقود الأحفوري وتلويثه للبيئة، محل قلق واهتمام المجتمع الدولي، لذا فإن الفعاليات الدولية مثل المنتدى الحالي، يجب أن تركز على دفع الجهات المسؤولة في كل دولة، إلى الدخول في مشروعات مشتركة لإقامة منصات متكاملة للطاقة المتجددة للوصول بنسبة استخدامها إلى 44٪ في مقابل 56٪ للوقود الأحفوري خلال السنوات المقبلة».

وأكد أن «الاعتماد على وسائل الطاقة المتجددة من دوره تقليل تكاليف التشغيل والإنتاج عبر الوقود الأحفوري العادي»، مشيراً إلى أن «600 قرية في الهند تعتمد في إنتاج طاقتها الكهربائية على الوقود الأحفوري، خصوصاً الديزل، ما يستهلك وحده ملياري دولار، لذا عملت الحكومة هناك على استبدال هذا الاستخدام بمحطات للطاقة الشمسية بشكل تدريجي، ما سيوفر بدوره عند التحول مبلغاً يصل إلى 1.7 مليار دولار سنوياً، أي أن طاقة تشغيل القرى الـ600 ستنخفض إلى 300 مليون دولار فقط».

وأشار إلى أنه «إذا طبق التحول ذاته في قطاع المركبات عن طريق استخدام النظم الهجينة المعتمدة على التكنولوجيا الكهربائية المستعينة بالغاز الطبيعي أو الديزل، فسيتم توفير 40٪ من إجمالي حجم الوقود الأحفوري المستخدم حالياً».

ودعوا خلال المنتدى، الذي ينظمه المجلس الأعلى للطاقة في مركز دبي التجاري العالمي على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة نحو 2000 خبير ومتخصص في قطاع الطاقة من الإمارات و30 دولة عربية وأجنبية، إلى إقامة منصة مشتركة بين دبي والهند لإنتاج الطاقة عبر استخدامات الطاقة النووية والمتجددة، وهو ما يفيد الإمارات بشكل عام ويوفر منظومة جديدة لإنتاج الطاقة ويوفر العديد من فرص العمل.

استخدام متنامٍ

وتفصيلاً، توقع المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، الدكتور محمد البرادعي، أن ينمو استخدام الطاقة النووية على مستوى كبير في العالم خلال السنوات المقبلة، خصوصاً مع زيادة أعداد السكان في العالم.

وقال إن «نمو استخدام الطاقة النووية سيساعد الدول النامية على التنمية ومواجهة مشكلات الفقر في العالم»، داعياً إلى ضرورة استخدام أقصى درجات السلامة والأمان في بناء المفاعلات النووية، خصوصاً بعد الكارثة النووية التي حدثت في مفاعل فوكوشيما في اليابان.

وأوضح أن «ما يصل إلى 1.4 مليار نسمة حول العالم لا يحصلون على الكهرباء، فيما يصل عدد الجياع إلى نحو مليار نسمة، ويصل عدد السكان تحت خط الفقر إلى ملياري نسمة تقريبا».

وذكر أن «زيادة الطلب على الطاقة تزيد مع زيادة السكان، لكن كثيراً من مصادر النفط والغاز هي في مناطق معرضة للعنف والمشكلات، وستنفد تلك المصادر في المستقبل، مؤدية إلى زيادة تذبذب أسعار النفط والغاز بسبب المشكلات الجيوسياسية وغيرها».

طاقة نووية

بين البرادعي أن «دول العالم يجب أن تتحول من استخدام النفط الأحفوري إلى استخدام مصادر الطاقة البديلة سواء المتجددة أو النووية»، مشيراً إلى أن «مصانع ومعامل الطاقة النووية أصبحت أكثر سلامة وأمنا، كما أنها تولد الكهرباء بكلفة أرخص».

ولفت إلى أن «الطاقة النووية تجذب دول العالم، إذ ليس لها أي انبعاث كربوني، وبالتالي فإنها أحد حلول التغير المناخي».

ونقل عن الرئيس الأميركي، بارك أوباما، قوله إننا «يجب أن نلبي احتياجاتنا من الطاقة، من خلال زيادة إنتاجنا من الطاقة النووية»، منبهاً إلى أن «الطاقة النووية تنتج 14٪ من كهرباء العالم، ومن المتوقع أن تنتج ما يصل إلى 24٪ في عام 2050».

وأشار البرادعي إلى أن «معظم الدول النامية أظهرت اهتماماً بالطاقة النووية»، متوقعاً أن تكون الإمارات الأولى والرائدة على مستوى المنطقة في استخدام الطاقة النووية، إذ تبني أربعة مفاعلات نووية تبلغ طاقتها الإنتاجية 1400 ميغاواط في 2014».

وقال إن «هناك احتياجاً للموازنة بين الفائدة والأخطار عند استخدام الطاقة النووية، فالأخطار يجب أن تكون مقبولة، إذ يجب أن يقدم العالم التقنيات الكفيلة بعدم التسرب النووي، وعدم استخدام الطاقة النووية في أغراض حربية»، مؤكداً أنه في حال تنفيذ ذلك فإن «الطاقة النووية ستلعب دوراً مهماً في تأمين احتياجات الأجيال المقبلة في المستقبل».




تحقيق التنمية

إلى ذلك، أكد نائب رئيـس المجلـس الأعلى للطاقة في دبي، سعيد محمد الطاير، في كلمة ألقاها في افتتاح المنتدى، أمس، أن «السعي الحثيث لدول العالم لتوفير الطاقة بجميع أشكالها يشير إلى أن الطاقة هي عصب الحياة، ومتطلب أساسي لتحقيق التنمية المستدامة ورفاهية الشعوب».

ولفت إلى أن «أهمية المنتدى ــ الأول من نوعه في دبي ــ إنما تأتي من كونه منصة لتبادل الرؤى والخبرات وأفضل الممارسات لاستنباط أفضل الحلول والأفكار المبتكرة، إصراراً على قهر التحديات الراهنة في مجال الطاقة وترجمتها إلى فرص واعدة لمستقبل مستدام لخدمة جميع دول العالم».

وأشار إلى أنه «تم في عام 2010 رفع الكفاءة التشغيلية لمحطات هيئة كهرباء ومياه دبي بنسبة وصلت إلى 20٪ مقارنة بعام ،2000 وهذا الإنجاز خفّض كمية الوقود اللازمة لإنتاج وحدة الكهرباء والمياه المحلاة، وتالياً تقلصت انبعاثات الكربون بواقع 3.8 مليارات كغم خلال العام الماضي، إضافة إلى أن الهيئة هي الأولى عالمياً من حيث انخفاض الفاقد الكهربائي، الذي وصل إلى 3.8٪، والذي يعد من أدنى وأفضل النسب على مستوى العالم مقارنة بـ6.4٪ في الولايات المتحدة ونحو 6٪ في أوروبا».

وأشار الطاير إلى أن «الزيادة السكانية تفرض نفسها كأحد التحديات الرئيسة التي تستدعي تأمين مصادر مستدامة للطاقة بما في ذلك استخدام الطاقات البديلة والمتجددة، وهو ما يستدعي تضافر الجهود العالمية في هذا المجال».

منصة مشتركة

إلى ذلك، دعا الرئيس السابق للهند، أبوبكر زين العابدين عبدالكلام، إلى دراسة إقامة مشروع منصة مشتركة بين دبي والهند لإنتاج الطاقة عبر استخدامات الطاقة النووية والمتجددة برأسمال 700 مليون دولار (2.57 مليار درهم)، الذي بدوره سيفيد الإمارات بشكل عام ويوفر منظومة جديدة لإنتاج الطاقة ويوفر العديد من فرص العمل.

وأوضح خلال كلمته في المنتدى أن «المشروع سيتولى عدداً من المهمات الرئيسة يأتي في مقدمتها إنشاء منصة لإنتاج الطاقة الخضراء صديقة البيئة، والانتقال التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري الملوث للبيئة، إلى صالح الطاقة المتجددة بحلول العام ،2030 وتحويل آلية عمل محطات تحلية المياه الحالية إلى الاعتماد على استخدام الطاقة الشمسية والوقود الحيوي، الأمر الذي سيؤدي إلى تقليل التكلفة التشغيلية لهذه المحطات بشكل كبير».

وتابع «يتضمن المشروع إنشاء محطة طاقة نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية بقدرة إجمالية 20 ميغاواط، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الخضراء»، لافتاً إلى أن «المشروع لا يقتصر على عمليات الإنتاج فحسب بل على البحث والدراسات أيضاً، إذ تمتلك الهند منظومة من تصنيع الأقمار الصناعية، وعدد من هذه الأقمار حالياً في مدارات حول الأرض، كما تمتلك دبي حاليا قمرين للأبحاث، لذا يجب إنشاء محطات مشتركة تستفيد من هذه الأقمار في عمليات البحث والتطوير لجانبين: الأول اختيار المواقع وتحديد الآليات المناسبة لإنشاء محطات للطاقة المتجددة (الشمسية والرياح)، والثاني زيادة رقعة الأبنية الخضراء عبر تحديد المواقع المناسبة لها»، مضيفاً أن «الهند تخطط حالياً لإنشاء ما يصل إلى 100 مليون مبنى وفق المعايير الخضراء لتقليل استهلاك الطاقة».

وأكد قدرة دبي على النجاح في تنفيذ هذا الأمر، والتحول بسهولة إلى استخدام الطاقة النووية والمتجددة في توليد حاجتها من الكهرباء وتشغيل محطات تحلية المياه بها، إذ إن النموذج التخطيطي في دبي متطور ويضع نصب عينيه استشراف المستقبل، لذا استطاعت الإمارة في فترة بسيطة التحول إلى عملاق مالي في المنطقة.

فرص مستقبلية

قال نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، سيمون كوبر، إن «الإمارات تلعب دوراً كبيراً ليس في المنطقة فحسب، بل على صعيد العالم أجمع، من خلال تقديم النموذج الأمثل في التحول نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة، لاسيما من خلال (مدينة مصدر) المبادرة الأهم عالمياً في مجال الطاقة المتجددة».

وأوضح أن «العالم سيشهد في الفترة المقبلة فرصاً كبيرة في الطاقة المتجددة في أنواعها المختلفة، إضافة إلى التوجه نحو الاعتماد على الطاقة النووية وتطبيقاتها في المجالات السلمية، ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن عمليات التمويل وما تحمله من إمكانات مختلفة في تحويل هذه المقترحات، وعلى المدى البعيد إلى تطبيقات عملية، تسهم في تحويل الاستراتيجيات إلى واقع حي وفعال، التي تمكّن بمجملها من تحقيق الفائدة لجميع أنحاء العالم».

إلى ذلك، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «أيرينا»، عدنان أمين، إن «(مدينة مصدر) تعد من أهم الإنجازات عالمياً في مجال تطبيق التقنيات المتجددة، كما أنها تقدم إلى العالم نموذجاً مهماً لإمكانية تطبيق مبادرات الطاقة المتجددة وبتقنيات متميزة أسهمت في استقطاب أفضل التكنولوجيا في مجال الطاقة المتجددة، التي ابتكرتها أكبر الشركات في العالم المهتمة بتصنيع التقنيات الخضراء التي تسهم في تطبيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة».

وأضاف «تمكنت (أيرينا) خلال فترة قصيرة من الحصول على تأييد وعضوية 149 عضواً، وتم التصديق على قانونها بعد عام ونصف من تأسيسها، ولابد لنا من التأكيد على أن أهمية (أيرينا) تأتي من أنها أتت بعد 15 عاماً من المفاوضات لخفض الانبعاثات الكربونية، وتمكنت من تحقيق تقدم في هذا الخصوص، بما يمكنها من تحقيق النمو المستدام والتحول نحو تطبيق سياسات التنمية المستدامة في جميع الدول في العالم».

وبين أمين أن «الدور المنوط بالوكالة هو دعم الدول في جميع مناطق العالم لإيجاد الطرق الكفيلة بإيجاد التحول نحو الطاقة الخضراء»، منوهاً بأن «العقد المقبل يوفر فرصاً وقدرات أكبر نحو التحول للاعتماد على الطاقات المتجددة، ولاسيما أن الاعتماد عليها نما بنسبة 40٪ في العام الماضي في بعض المناطق من العالم، كما أنها تمكنت من توفير ثلاثة ملايين فرصة عمل، وتشير الدراسات إلى أنها ستكون في صدارة الاهتمامات العالمية في هذا المجال».

وأكد أهمية الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، لاسيما أن هناك 1.5 مليار شخص لايزالون يعيشون بلا كهرباء، كما أن ثلاثة مليارات شخص مازالوا يواصلون الاعتماد على الفحم في توليد الكهرباء، وذلك له تبعات كبيرة كما هو معلوم على الإنسان والبيئة بشكل عام».

تويتر