مصرفيون أرجعوا التعثر المالي إلى سوء الاستخدام والإنفاق الزائد على الحاجة

متعاملون: بطاقات الائتمان إغراء يـهدد مستقبل حامليها

عدم معرفة شروط البطاقات الائتمانية بشكل جيد يوقع حامليها في مشكلات مالية. أرشيفية

شكا عملاء بنوك محلية تعرضهم للملاحقة القانونية والسجن، فضلاً عن تهديدهم بفقدان عملهم، بسبب تراكم المبالغ المستحقة على بطاقاتهم الائتمانية، معتبرين أن تلك البطاقات أصبحت أقصر طريق إلى السجن بالنسبة لهم.

وأشاروا إلى أن تعثرهم مالياً جاء بسبب زيادة الفوائد المستحقة على البطاقات، واعتقادهم (عن عدم علم) بأن سداد الحد الأدنى كاف، ليتضح فيما بعد أن المبالغ المسددة تآكلت بسبب الفوائد الشهرية، وأن المستحقات على البطاقة فاقت توقعاتهم وجعلتهم عاجزين عن السداد.

إلى ذلك، رفض مصرفيون تحميل البنوك مسؤولية عدم إطلاع حاملي البطاقات الائتمانية على الالتزامات الواجبة على البطاقة، وهو ما أدى إلى تعثرهم.

وقالوا إن سوء الاستخدام، والإنفاق الزائد على الحاجة، واعتقاد متعاملين بأن رصيد البطاقات التي في حوزتهم هو مبالغ مملوكة لهم، وأنها ليست قروضاً محملة بفوائد، كانت من أهم أسباب المشكلات المالية والقانونية.

وأكدوا أن البنوك تحاول مساعدة المتعاملين المتعثرين من خلال إعادة جدولة أقساطهم، وتحويل المبالغ المستحقة إلى قروض شخصية بشروط سداد أيسر، لافتين إلى أن هناك الكثير من المتعاملين أحسنوا التصرف مع بطاقاتهم الائتمانية، واستفادوا من تعدد مزاياها من دون مواجهة أي مشكلات مالية.

الطريق إلى السجن

وتفصيلاً، عرض المقيم سامح خضر مشكلته مع البطاقات الائتمانية، قائلاً إن «البطاقة الائتمانية أصبحت أقصر طريق إلى السجن»، وأضاف أنه حصل على بطاقة ائتمانية من بنك وطني، وبعد فترة تعرض لمشكلات مالية فسحب أغلبية رصيد البطاقة.

وأكمل «بعد تراكم الفوائد المستحقة على البطاقة، توجهت إلى البنك وتم الاتفاق على إعادة جدولة الدين، وتحويل المبلغ المستحق لقرض شخصي، لكن بعد أيام قليلة فوجئت بأن الشرطة حضرت إلى مقر عملي وألقت القبض علي»، موضحاً أنه استفسر عن أسباب القبض عليه، فعلم أن إدارة الشؤون القانونية فتحت بلاغاً ضده في الشرطة، على الرغم من توصله إلى اتفاق مع البنك.

وأشار إلى أنه «اتضح فيما بعد أن البنك أخطأ في عدم إبلاغ الشؤون القانونية لإيقاف الإجراءات القانونية ضده، وتالياً تعرض للحبس مرات عدة، وأصبح مهدداً بفقدان عمله، فضلاً عن التعميم عليه لمنعه من السفر، وكل ذلك بسبب بطاقة ائتمانية».

من جهته، ذكر الموظف في إحدى الشركات، صلاح حامد، أنه حصل على بطاقة ائتمانية من شركة خدمات ائتمانية قبل نحو ثلاث سنوات، ولظروف معيشية خاصة استخدم الرصيد المتاح في البطاقة بالكامل، على أن يسدد الحد الأدنى شهرياً، اعتقاداً منه بأن ذلك لن يوقعه في مشكلات مالية، وأضاف أنه فوجئ بعد فترة بأن الشركة فتحت بلاغاً ضده في الشرطة من دون أن تتصل به لتطالبه بالسداد، أو تعرض عليه إعادة الجدولة، لافتاً إلى أنه اكتشف أن المبلغ المستحق عليه تضاعف خلال فترة زمنية قصيرة، وأن المبالغ التي كان يسددها حداً أدنى استهلكت في سداد الفوائد المستحقة على البطاقة.

نصائح لتجنب المشكلات

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/378688.jpg

حدد نائب الرئيس، مدير «ماستركارد» في الإمارات، إياد الكردي، عدداً من النصائح التي تمكن حاملي البطاقات الائتمانية من استخدام بطاقاتهم بشكل سليم لتجنب الفوائد العالية والغرامات التي تؤدي إلى تعثرهم في النهاية، وتشمل تلك النصائح عدم استخدام البطاقات في إنفاق يفوق إمكانات حاملها، ما يجعله عاجزاً عن سداد مستحقاته، والعمل على سداد الرسوم في الوقت المحدد، من أجل خفض رسوم الفوائد على الرصيد المتبقي».

وقال إن «حامل البطاقة تجب عليه مراجعة كشف الحساب الشهري بصفة دورية، والاتصال بالبنك المصدر للبطاقة للاستفسار عن أي بيانات غير واضحة في كشف الحساب الذي يفند المشتريات، ويتيح لحامل البطاقة متابعة النفقات في الشهر السابق، ما يمكن حامل البطاقة من مراقبة نمط الإنفاق وترشيد النفقات غير الضرورية»، مؤكداً أن «هناك عدداً من النقاط التي يجب على الراغبين في اقتناء بطاقة ائتمانية دراستها قبل اقتناء البطاقة فعلياً، أولها معرفة الفائدة، وهي معدل النسبة التي تدفع على الرصيد المستحق من خلال المشتريات وغيرها في شكل فوائد، بمعنى الرسوم التي سيدفعها حامل البطاقة لقاء استخدام الأموال المقترضة».

وأوضح الكردي، أن «العامل الثاني المهم الذي تجب دراسته هو برامج المكافآت، التي ترتكز عادة على النقاط التراكمية القائمة على المشتريات أو المعاملات التي تتم بوساطة البطاقة، التي يمكن استبدالها بحوافز تشمل منتجات وخدمات متنوعة منها السفر، العطلات وغيرها».

وأشار إلى أن «من النقاط التي قد يجهلها البعض أن بنوكاً مصدّرة للبطاقات تحدد رسوماً سنوية تمكنها من تعويض تكاليف إدارة الحسابات، ويجب على من يرغب في بطاقة ائتمان أن يقارن بين تلك الرسوم، لأن بعض الشركات المصدرة قد تصدر البطاقة مجاناً مدى الحياة»، لافتاً إلى أن «بطاقات الائتمان عموماً تحمل مزايا عدة، وأهمها أنها تعمل وفقاً لمبدأ (اشتر الآن، ادفع لاحقاً)، كما أنها توفر كذلك للمستهلكين خطاً ائتمانياً، وهو الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن لحامل البطاقة تسديده ببطاقته كائتمان، ولدى قيام حاملي البطاقات بالشراء، ينخفض خط الائتمان المتوافر، أما عند حصولهم على كشف الحساب الشهري، فهم يحظون بمرونة إمكانية تسديد كامل المبلغ المستحق أو سداد الحد الأدنى المستحق فقط».

عجز عن السداد

أما الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية، حسين بدر، فله تجارب قاسية مع البطاقات الائتمانية، إذ قضى أشهراً عدة في الحبس بسبب عجزه عن سداد المستحقات على البطاقة الائتمانية، قبل أن يجمع زملاؤه في العمل المبلغ في ما بينهم، ويسددوه للبنك.

وقال «مشكلتي الأساسية مع البطاقات الائتمانية جاءت بسبب قبولي اقتناء بطاقات ائتمانية، بعد إلحاح مندوبي البنوك وتأكيدهم لي بأن هذه البطاقات لن تكلفني شيئاً، وأنه يمكنني الاحتفاظ بها لاستخدامها عند الطوارئ، إذ حصلت على بطاقات من أكثر من خمسة بنوك».

وأضاف «بعد أن قضيت سنوات في الدولة من دون أسرتي، قررت أن استقدمهم للعيش معي، وبعدها تراكمت علي الديون بسبب تكاليف السكن وتعليم الأبناء، فضلاً عن تذاكر السفر». وأكد أن «بداية المشكلات مع البنوك كانت بعد حصولي على قرض شخصي، إذ كانت الأقساط الشهرية للقرض تستقطع جزءاً كبيراً من راتبي، وبعدها وجدت أن في جيبي ثروة سهلة المنال، عبارة عن بطاقات ائتمانية فاق رصيدها الإجمالي 120 ألف درهم». وأشار إلى أنه سحب مبلغاً مالياً من إحدى البطاقات في البداية، على أن يسدده في بداية الشهر المقبل، وبعد فترة تكرر الأمر مع البطاقات الأخرى، لتكون النهاية الحبس لفترة وانتظار أحكام جديدة بالحبس، بسبب الديون المتراكمة على البطاقات الأخرى».

مسؤولية المتعامل

ومن جانب البنوك، أكد رئيس التسويق للأعمال المصرفية الاستهلاكية وإدارة الثروات في بنك الامارات دبي الوطني، سيف المنصوري، رفضه التام لتحميل البنوك مسؤولية زيادة مشكلات المتعاملين مع البطاقات الائتمانية، بحجة أن المتعامل لا يعرف الالتزامات الواجبة على البطاقة، مسوغاً ذلك بأن البنوك تزود المتعامل عند استلامه البطاقة بالكتيبات التوضيحية كافة، التي تبين الالتزامات الواجبة على البطاقة. وقال إنه «في الوقت الذي توجد فيه شكاوى من متعاملين لم يبذلوا أي جهد في قراءة الأوراق، فإن هناك متعاملين كثر يمكن تصنيفهم على أنهم أحسنوا استغلال بطاقاتهم واستفادوا فعلياً منها، إذ استخدموها أداة للدفع بشكل سليم، واستفادوا من مزاياها من دون أن يتحملوا أي أعباء إضافية». وأضاف أن «القول إن البنوك تسابقت في منح المتعاملين بطاقات كثيرة من دون دراسة قدراتهم المالية ما أدى إلى تعثرهم، هو قول غير دقيق، لأن التعثر جاء من تراكم المبالغ على البطاقة، وعدم فهم المتعامل أن الفوائد تتراكم من شهر إلى آخر، وكذا عدم بذله أدنى جهد في متابعة الرصيد المستحق على بطاقته»، موضحاً أن «البنوك تحاول إقالة أصحاب البطاقات الائتمانية من عثرتهم الائتمانية، من خلال الاتصال بأصحاب البطاقات الذين تراكمت عليهم مبالغ مالية لعرض إمكان تحويل الرصيد المستحق إلى قرض شخصي بسعر فائدة وشروط أفضل من البطاقات».

وذكر المنصوري أن «البنوك في الوقت الحالي تمنح المتعاملين البطاقات الائتمانية وفقاً لضوابط خاصة بها، ولا تشترط ألا يكون المتعامل حصل على بطاقات ائتمانية من بنوك أخرى، لكن مصرف الإمارات المركزي يعمل حالياً على وضع الضوابط التي تكفل عدم حدوث ذلك في المستقبل».

وأشار إلى أن «تعدد البطاقات الائتمانية التي في حوزة المتعامل لا يمكن اعتباره سبباً في التعثر، خصوصاً في ظل تعدد المزايا واختلافها من بطاقة إلى أخرى، لكن بشرط أن يجيد المتعامل إدارة أمورة المالية»، لافتاً إلى أن «بعض البطاقات تحمل مزايا مثل تجميع النقاط للحصول على تذاكر سفر، وبعضها يحمل ميزة الحصول على تخفيضات في المطاعم، أو تقسيط السلع على ستة أشهر من دون فوائد وغيرها من المزايا». وعن تزايد الشكاوى من تعرض حملة البطاقات الائتمانية للملاحقة القانونية بعد تعثرهم عن سداد الاستحقاقات، أجاب المنصوري، بأن «البنوك لم تجبر المتعاملين على الحصول على بطاقات ائتمانية، حتى إذا كان موظفو التسويق في البنوك أقنعوا المتعاملين بأن يحصلوا على البطاقات ويحتفظوا بها، فهذا لا يعني أن المتعامل يمكنه أن يرفض طالماً لم يكن يحتاج إلى المزايا التي تتيحها البطاقة. وأفاد بأن المشكلة ظهرت من الإنفاق الزائد على الحاجة، واعتقاد أفراد بأن رصيد البطاقات التي في حوزتهم هو مبالغ مملوكة لهم وليست قروضاً محملة بفوائد، مؤكداً أن الاستخدام السليم للبطاقة والإلمام بتفاصيلها ومتابعة كشوف الحساب بشكل دوري، يعد أفضل النصائح لتجنب المشكلات التي قد تنتج عن البطاقات الائتمانية.

أكثـر من بطاقة

من جهته، قال رئيس قسم البطاقات واستراتيجية العمل في بنك رأس الخيمة الوطني «راك بنك»، أنيل تشاندر، إن «بطاقات الائتمان أصبحت خياراً ضرورياً من خيارات الدفع في الوقت الراهن، ومن الضروري أن يمتلك الفرد بطاقة ائتمانية واحدة على الأقل»، وعزا ذلك بأن «مزايا البطاقات تختلف من بطاقة لأخرى، وربما يختار الفرد أن يقتني بطاقات عدة، لكي يستفيد من المزايا التي تقدمها كل واحدة منها، وكذا لكي يتمكن من اقتراض مبالغ أكبر من خلال اقتناء أكثر من بطاقة». وأضاف أن «إدارة أرصدة بطاقات الائتمان تعد جزءاً من التخطيط المالي السليم، ولتجنب دفع الفوائد وغرامات التأخير في السداد، يجب على أصحاب البطاقات أن يسددوا المبالغ المستحقة عليهم بالكامل، أو يسددوا المبلغ الأدنى المستحق في الوقت المحدد»، موضحاً أن «ادعاء البعض بأن البنوك تحصل غرامات ومبالغ من دون وجه حق حتى تربح من البطاقات الائتمانية، هو ادعاء في غير محله، لأن لدى البنوك نشرات مطبوعة بالرسوم التي تفرضها وتلتزم بها، وبإمكان المتعاملين الاطلاع على هذه النشرات قبل التقدم بطلبات بطاقات الائتمان».

تويتر