«الفجر»: 8.18 مليارات درهم إيرادات البنــوك من الرسوم والعمولات في عام 2010

نظام «المركــزي» الجديــد يحـــــــوّل الإقراض من استهلاكي إلى منتــــــــج

الرسوم والعمولات شكلتا نحو 60٪ من الإيرادات غير الفائدية للبنوك في عامي 2010 و .2009 تصوير: أشوك فيرما

قدر محللون ماليون إيرادات البنوك الوطنية من الرسوم والعمولات بنحو 8.18 مليارات درهم في عام 2010 مقارنة بنحو 7.54 مليارات درهم في عام ،2009 ما يمثل زيادة بنسبة 8.5٪ كانت نتاج زيادة نسبة الرسوم المقررة.

وأكدوا أن إصدار مصرف الإمارات المركزي نظاماً جديداً للقروض المصرفية خلال الأسبوع الماضي يُعد خطوة ممتازة ومتقدمة على طريق تحفيز الاقتصاد من خلال تحجيم التمويلات الشخصية والاستهلاكية وتحويلها إلى الإقراض المصرفي المنتج، والموجه إلى مختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنية التحتية والعقارات، إضافة إلى أسواق الأسهم، ما سيقلل من مشكلة نقص السيولة التي تؤدي إلى تراجع أسواق الأسهم وتعمق تأثرها بالإضرابات السياسية التي تشهدها المنطقة.

مزيد من الوقت

قال كبير الاقتصاديين في مجموعة «إتش إس بي سي» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سيمون ويليامز، إن «الحكم على أثر التوترات السياسية في المنطقة على جوانب النمو سيتطلب مزيداً من الوقت»، مؤكداً أن «مؤشر الأداء الاقتصادي لدولة الإمارات الذي يصدره البنك سيبين لنا اتجاهاً أكثر وضوحاً في الشهر المقبل».

وأوضح أن «المؤشر أظهر في شهر فبراير الماضي أن تعافي الاقتصاد الإماراتي يتم بشكل قوي ومتسارع، ما قد ينعكس إيجاباً على أسواق الأسهم مستقبلاً»، مضيفاً أن «الطلبات الجديدة والإنتاج الحالي يتزايدان، وهذا أمر مشجع».

وقالوا إن انخفاض قيم التداول المتصلة بشح السيولة، التي بدورها تتصل بالإقراض المصرفي، تُعد أحد الأسباب المهمة التي تعمق أثر المخاوف السياسية في أداء مؤشرات الأسواق، لافتين إلى أن توقيتات تأثر الأسواق الخليجية بتلك الأحداث لم تكن موحدة، ما يؤشر إلى أن التراجعات الحادة لم تكن كلياً بفعل المخاوف من الأوضاع السياسية.

وأشار المحللون إلى أنه على الرغم من أن المؤشرات تظهر أن تعافي الاقتصاد الإماراتي يتم بشكل قوي ومتسارع، إلا أن سيطرة المضاربين على أسواق الأسهم المحلية تجعل مؤشراتها تهبط بقوة عندما تسود مخاوف بمجرد عمليات بيع قليلة محدودة، وذلك لعدم وجود مشترين للأسهم.

تداعيات سياسية

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم الخليجية تراجعت خلال الأسبوع الماضي لتكمل مسيرة تراجعاتها الحادة في شهر فبراير الماضي تحت تأثير التداعيات السياسية في المنطقة العربية».

وأضاف أن «اللافت للنظر أن توقيتات تأثر هذه الأسواق بالأحداث لم تكن موحدة، ما يؤشر إلى أن التراجعات الحادة لم تكن كلياً بفعل المخاوف من الأوضاع السياسية، بقدر ما كان بعضها عمليات جني أرباح لارتفاعات سابقة تحققت في أسواق خليجية بصورة غير متناسبة مع أسواق خليجية أخرى».

وأوضح أن «آثار الأحداث السياسية كانت الأقل وضوحاً في أسواق الإمارات التي تتمتع باستقرارين مجتمعي وسياسي كبيرين، مقارنة بالدول الأعضاء الباقية في دول الخليج، إذ انخفض مؤشر سوق الإمارات خلال فبراير المنقضي بنسبة 2.14٪، فيما كانت أكبر الانخفاضات بنسبة 12.9٪ في السوق السعودية، التي تأثرت بالأحداث السياسية إلى جانب أنها كانت حققت ارتفاعات لا تتناسب مع التدفقات النقدية السالبة للقروض المصرفية».

وأشار إلى أن «انخفاض قيم التداول المتصلة بشح السيولة، التي بدورها تتصل بالإقراض المصرفي، تعد أحد الأسباب المهمة التي تعمق أثر المخاوف السياسية في أداء مؤشرات الأسواق»، مفسراً ذلك بأن «الأسواق التي تخلو من المستثمرين ويسيطر عليها مضاربون بسيولة محدودة، تتأثر مؤشراتها هبوطاً عندما تسود مخاوف بمجرد عمليات بيع قليلة محدودة، وذلك لعدم وجود مشتري للأسهم».

وأكمل: «المضاربون يبتهجون لظهور ضغوط بيعية قوية، إذ يركبون موجتها منذ افتتاح جلسة التداول في السوق لكي يشتروا في اليوم التالي من الأسفل»، معتبراً أن «الأحداث السياسية التي قادت إلى تراجع الأسواق ليست السبب الوحيد، بل ربما ليست السبب الرئيس، إذ إن المشكلة الرئيسة هي شح السيولة في أسواق الأسهم والناجمة عن فشل المصارف الخليجية عموماً في توفير القروض التي يحتاجها كل اقتصاد للاستمرار في النمو».

خطوة ممتازة

ووصف الشماع قرار مصرف الإمارات المركزي بإصدار نظام القروض المصرفية، الذي أعلن عنه خلال الأسبوع الماضي، بأنه «خطوة ممتازة ومتقدمة على طريق تحفيز الاقتصاد من خلال تنشيط الإقراض المصرفي».

وقال إن «نظام القروض المصرفية الجديد وضع حداً لتمادي المصارف في تعظيم أرباحها من دون وجه حق، ومن دون أي إضافة حقيقية إلى الناتج المحلي، بحيث أصبحت تشكل عبئاً على الاقتصاد والنمو الاقتصادي»، مضيفاً أن «النظام الذي وضع سقفاً لقيمة الرسوم التي تستوفيها المصارف من العملاء، وضع كذلك قواعد لاحتساب الفوائد على أساس الرصيد المتناقص بالنسبة للقروض الشخصية (بمعيار ضمان الراتب) وقروض السيارات والسحب على المكشوف».

وأوضح أن «تلك المجموعة من القروض يشكل مجموعها المتراكم نحو 300 مليار درهم، وهناك على الأقل ضعفا هذا المبلغ من القروض التي لا يزال بإمكان البنوك إخضاعها لأسلوب احتساب الفائدة على أساس الرصيد الثابت، أهمها القروض المقدمة لمستثمرين عقاريين بضمان العقار، التي على الرغم من كونها قروضاً شخصية وتسدد على أساس شهري من حيث الجوهر، إلا أنها ليست كذلك من حيث معيار الضمان الذي وضعه المصرف المركزي لتعريف القروض الشخصية الخاضعة للنظام الجديد».

ونبّه الشماع إلى أن «مصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة المجتمع تقتضي توسيع نطاق النظام الجديد ليشمل القروض كافة، وليس فقط القروض الشخصية والسحب على المكشوف».

وسوغ ذلك بأن «المصارف التي تتعامل بأموال المودعين لا تدفع لهم كفائدة إلا مبالغ بسيطة جداً لا تتناسب مع ما تتقاضاه من نسب تصل إلى حدود مرتفعة جداً، تؤدي غالباً إلى هدر الأموال من خلال التعثر الذي يسببه الإقراض المفرط الذي يركب المخاطر بغطاء الأرباح العالية التي تتحقق بفعل طريقة احتساب الفائدة على أساس الرصيد الثابت».

وأشار إلى أن «تعثر الأفراد والمؤسسات التي تقترض بفوائد عالية بموجب طريقة احتسابها هو هدر للأموال وخسائر يتحملها الاقتصاد الوطني».

نمو الأرباح

من جهتها، قالت المحللة المالية مها كنز، إن «البيانات المالية لعام 2010 لعدد 19 بنكاً وطنياً من إجمالي 21 بنكاً باستثناء (بنك دبي الإسلامي) و(الإمارات للاستثمار) اللذين لم يفصحا عن أرباحهما بعد، تظهر أن تلك البنوك سجلت أرباحاً صافية بلغت 16.95 مليار درهم مقارنة بتسجيلها أرباحاً بقيمة 14.93 مليار درهم في عام ،2009 ما يعنى نمواً في الأرباح بنسبة 13.5٪».

وأضافت أن «تلك البنوك الوطنية حققت نمواً في إيراداتها التشغيلية بنسبة 2٪، فوصلت إلى 47.33 مليار درهم مقارنة بـ46.33 مليار درهم في عام ،2009 وذلك محصلة النمو في الإيرادات الفائدية 6.9٪ لتصل إلى 33.3 مليار درهم، مع تقلص الإيرادات من المصادر الأخرى غير الفائدية بنسبة 7.5٪ لتصل جملتها إلى 14.05 مليار درهم»، عازية انخفاض الإيرادات من المصادر الأخرى غير الفائدية إلى «انخفاض الإيرادات من الرسوم والعمولات التي شكلت نحو 60٪ من جملة تلك الإيرادات غير الفائدية في عامي 2010 و2009».

وأكدت كنز أن «إيرادات البنوك من الرسوم والعمولات خلال عامي 2007 و2008 شهدت طفرة نتيجة النشاط الملحوظ في الأنشطة الاقتصادية كافة في الدولة، إذ تراوحت ما بين 9.6 إلى 9.8 مليارات درهم مقارنة بنحو 6.79 مليارات درهم في عام ،2005 وبنسبة نمو بلغت 44٪».

واستطردت «ثم تقلصت إيرادات البنوك من هذا المصدر في عام 2009 بنسبة 2.5٪، لتبلغ 7.54 مليارات درهم، قبل أن ترتفع مجدداً في عام 2010 إلى 8.18 مليارات درهم أي ما يمثل زيادة بنسبة 8.5٪ عما تحقق في 2009 كانت نتاج زيادة نسبة الرسوم المقررة».

وأشارت إلى أن «من البنوك الكبرى التي أظهرت البيانات المالية لعام 2010 ارتفاعاً كبيراً في إيراداتها من الرسوم والعمولات كل من (الاتحاد الوطني)، الذي سجل ارتفاعاً في تلك الإيرادات بنسبة 26٪، و(الخليج الأول) بنسبة 24٪، و(أبوظبي الوطني) بنسبة 11٪»، لافتة إلى انخفاض إيرادات الرسوم والعمولات في كل من (الإمارات دبي الوطني)، و(أبوظبي التجاري) بنسبة 3.8٪، و3٪ على التوالي».

وأوضحت كنز أنه «بالنسبة للبنوك الصغيرة، ارتفعت بشكل ملحوظ إيرادات الرسوم والعمولات في كل من (الشارقة الإسلامي)، و(رأس الخيمة الوطني) بنسبة 30٪، 28٪ على التوالي، في حين انخفضت إيرادات ذلك البند في (مصرف الإمارات الإسلامي) بنسبة 27٪».

ونبهت إلى أنه «مع صدور قرارات مصرف الإمارات المركزي الأخيرة بشأن تحديد حد أقصى للرسوم والعمولات عن الخدمات المقدمة من البنوك، ستتأثر البنوك التي تشكل نسبة إيراداتها من الرسوم والعمولات جزءاً كبيراً من إيراداتها التشغيلية، ما يشكل ضغطاً عليها يدفعها نحو بذل مزيد من الجهد لرفع الكفاءة التشغيلية من أجل زيادة الإيرادات من الأنشطة التشغيلية الأخرى».

ضوابط «المركزي»

وقالت كنز، إن «صدور الضوابط الجديدة من (المركزي)، التي يسري تطبيقها على كل من البنوك التقليدية والإسلامية الوطنية العاملة في الدولة، جاءت بشكل تفصيلي لتعيد صياغة موضوعات عدة كانت محل تساؤلات واهتمام بالغ طوال الفترة الماضية، وأهمها الضوابط الجديدة لمنح القروض والتمويلات الشخصية».

وتضمنت الضوابط وضع (المركزي) حــداً أقصى لمدة القرض الشخـصي بأربعة سنوات (بخلاف قروض العقار طويلة الأمد)، وسقفاً لقيمة القرض بـ20 ضعف الراتب، وللقسط الشهري بما لا يتجاوز 50٪ من راتب المقترض، سواء من المواطنين أو المقيميين».

وأضافت أن «تلك الضوابط ستقلل إلى حد كبير من قيمـة القروض التي يمكن أن يحصل عليها العملاء، وبالتبعية سيحجم نمو التمويلات الشخـــصية في البنوك في المستقبل، وسيعاد توجيه تلك السيولة في روافد أخرى من الأنشطة الاقتصادية، مثل إقراض المشروعات التنموية والصناعية والتجارية طويلة الأجل، فضلاً عن زيادة الاهتمام بالتمويلات العقارية وتمويلات مشروعات البنية التحتية».

واستطردت «كما وضع (المركزي) حلاً لمشكلات العملاء الذين أجبرتهم بنوكهم على سداد رسوم مرتفعة طوال الفترة الماضية بتحديد حد أقصى للرسوم والعمولات التي تفرضها البنوك مقابل خدماتها، كما وضع المركزي قيداً على البنوك بإعلام العملاء في حالة تغيير أسعار العمولات والرسوم قبل تطبيق هذا التغيير بشهرين على الأقل، ما قد يسهم في تخفيض إيرادات البنوك من هذا المصدر مستقبلاً».

وأشارت إلى أن «الضوابط الجديدة شملت أيضاً تحديد سقف للفوائد على القروض الشخصية، لتلافي احتمال رفع البنوك أسعار الفوائد البنكية لتعويض الانخفاض في الرسوم والعمولات، كما ستصدر لاحقاً آلية تحديد أسعار الفائدة من جمعية المصارف تكون واضحة ومعتمدة وتسمح بالتنافسية في القطاع المصرفي، فضلاً عن وضع آليات جديدة لاحتساب الفائدة (التحول من الفائدة الثابتة إلى الفائدة المتناقصة) على القروض الشخصية والسحب على المكشوف وأرصدة البطاقات الائتمانية ومنع البنوك من استقطاعها مقدماً».

لافتة إلى أن «أسلوب حساب القسط بأسلوب الفائدة الثابتة على الرغم من أنه أكثر سهولة وبساطة في الفهم، إلا أن أسلوب الفائدة المتناقصة أكثر عدالة، إذ يلتزم المقترض بدفع الفائدة على المبلغ المتبقي من القرض، وليس فائدة على كامل المبلغ الأصلي من بداية القرض وحتى تاريخ سداد آخر قسط فيه».

تويتر