أسعار «التعليم» ارتفعت بنسبة 12٪.. و«الاقتصاد» تؤكد أن الرقابة عليها من اختصـاص «التربية»

«اقتصادية دبي»: زيادة رسوم المدارس الخاصة غير مبررة

دائرة التنمية الاقتصادية أكدت أن الممارسات غير المشروعة التي تقوم بها مدارس تستوجب التدخل لحماية المستهلكين. تصوير: لؤي أبوهيكل

قالت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، إن الزيادة التي تشهدها الرسوم في مدارس خاصة، غير مبررة وتستوجب التدخل لحماية المستهلكين من تلك الممارسات غير المشروعة، مؤكدة أن قانون حماية المستهلك رقم (24) لسنة 2006 يولي إدارات حماية المستهلك ممارسة جميع الاختصاصات التي تكفل التنسيق مع الجهات المعنية في الدولة للتصدي للممارسات التجارية التي تضر بالمستهلك.

وأشارت إلى أن القانون يوجب مراقبة حركة أسعار جميع السلع والخدمات والعمل على الحد من ارتفاعاتها.

إلى ذلك، كشف المدير التنفيذي لقطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك في الدائرة، عمر بوشهاب، أن الدائرة اتخذت خطوات للتنسيق مع هيئة المعرفة في دبي لمراقبة أسعار المدارس، إثر تلقيها شكاوى عدة من تصرفات غير مشروعة من قبل مدارس خاصة، أبرزها رفع الأسعار من دون مبرر.

وكشفت بيانات حكومية أن أسعار مجموعة التعليم سجلت أعلى نسبة زيادة بين أسعار المجموعات السلعية والخدمية خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مظهرة أن الزيادة في أسعار التعليم في الإمارات بلغت نحو 12.2٪ خلال تلك الفترة، فيما لم تتجاوز الزيادات في أسعار المجموعات السلعية أو الخدمية الأخرى في البلاد نسبة 4٪.

من جهته، أكد وزير التربية والتعليم، حميد القطامي، أن الوزارة لا تسمح لأي مدرسة بفرض أي رسوم إضافية، من دون تقديم مبررات مقنعة، مشيراً إلى أن «نسبة المدارس التي حصلت على موافقة بفرض زيادة على الرسوم بلغت 1٪، وذلك لطبيعة الاستثمارات التي تقوم بها تلك المدارس».

بدوره، نفى مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، الدكتور هاشم النعيمي، مسؤولية الوزارة عن مراقبة تحرك أسعار التعليم، موضحاً أنها تخضع تماماً في هذا الجانب إلى إشراف ورقابة وزارة التربية والتعليم.

وفيما أوضح مديرو مدارس أن التحسينات التي تجريها أي مدرسة على خدماتها التعليمية، وراء فرض زيادة في الرسوم، أكد رئيس النظم والضبط في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، محمد درويش، أنه «في ظل حالة من الاستقرار في الإيجارات السكنية، وثبات أسعار المواد الاستهلاكية، فإن الهيئة لا تجد أي مبرر مقنع لزيادة رسوم المدارس على الإطلاق»، مؤكداً أنه «منذ بداية الأزمة المالية لا توجد أي مبررات لزيادة الأسعار، وذلك لحدوث انخفاض في أسعار معظم السلع التي تستخدمها المدارس، وعدم فرض أي زيادة في أجور ورواتب المعلمين».

«التعليم» الأعلى

وتفصيلاً، أفادت بيانات مركز دبي للإحصاء بأن «أسعار السلع والخدمات في إمارة دبي سجلت معدل تضخم بلغ 0.64٪ للنصف الأول من عام 2010»، موضحة أن «الأشهر الستة الأولى من العام الجاري شهدت ارتفاعاً في أسعار مجموعة التعليم بنسبة 12.2٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما زادت مجموعة الصحة بنسبة 3.92٪، ومجموعة النقل بنسبة 3.74٪، ومجموعة السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 2.71٪، ومجموعة الطعام والمشروبات غير الكحولية بنسبة 0.45٪، ومجموعة الترفيه والثقافة بنسبة 0.41٪، بينما انخفضت أسعار مجموعة الاتصالات بنسبة 10.55٪، وتراجعت مجموعة السكن (المياه الكهرباء الغاز والوقود) بنسبة 0.51٪».

وقال عمر بوشهاب إن «الدائرة تلقت شكاوى بشأن ممارسات غير شرعية تقوم بها المدارس، منها فرض رسوم خفية أو غير قانونية على أولياء الأمور، فضلاً عن رفع غير مبرر لأسعار الرسوم»، مشيراً إلى أن «المدارس تقدم خدمة مهمة تخص شريحة عريضة من المجتمع، يستوجب معها الحفاظ على حقوق مستخدمي تلك الخدمة في تقديمها بأسعار غير مبالغ فيها وتناسب مستوى تلك الخدمة».

وأكد أن «الدائرة اتخذت خطوات للتنسيق مع هيئة المعرفة في دبي لمراقبة أسعار المدارس»، وتابع «سيتم تحديد موعد للاجتماع بمسؤولي الهيئة، ومسؤولين في المدارس الخاصة لبحث الأسباب التي تدعو المدارس إلى رفع أسعارها، والتوصل إلى قرار مع هيئة المعرفة بشأنها».

من جهته، قال الدكتور هاشم النعيمي إن «وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة بشكل كامل عن الموافقة للمدارس على رفع رسومها»، مشيراً إلى أن «وزارة الاقتصاد ليست جهة اختصاص في ما يتعلق بمراقبة أسعار المدارس، إذ يخضع هذا الأمر لمعايير وضعتها وزارة التربية والتعليم».

وقال إن «شكاوى المستهلكين بهذا الصدد يجب أن توجه إلى وزارة التربية والتعليم، فهي جهة تملك منهاجيتها وآلياتها في التعامل مع هذا الجانب»، نافياً أن يكون لوزارة الاقتصاد أي تدخل في الرقابة على أعمال المدارس.

رسوم متعددة

إلى ذلك، قال مصطفى السيد إنه لاحظ ارتفاعاً في أسعار المصروفات في المدرسة التي يدرس فيها ولده في الشارقة، إذ طالبته إدارة المدرسة بزيادة قدرها 3000 درهم تمثل نحو 25٪ من رسوم العام الماضي ارتفاعاً، ولفت إلى أن «مصروفات المدارس لا تتوقف عند هذا الحد، بل تمتد إلى زيادة أسعار النقل، وفرض تأمين صحي إجباري على الطالب، والمغالاة في أسعار الزي والكتب الدراسية، وتفرض رسوماً أخرى طوال العام الدراسي بمزاعم عدة لا تتعلق بالعملية التعليمية».

وقال حميد عمر إنه فوجئ بمطالبة مدرسة ولده في دبي، بزيادة في الرسوم بنسبة كبيرة، على الرغم من أنه يدرس في مرحلة التمهيدي، إذ وضعت المدرسة بنوداً عدة في الرسوم خلال العام الجاري سعت من خلالها إلى تحصيل أكبر قدر من الأموال.

وأضاف «المدارس الخاصة منشآت تجارية تهدف إلى الربح وتقدم خدمات للمستهلكين، وتحصل على رخصتها التجارية من وزارة الاقتصاد أو الدوائر الاقتصادية، فلماذا لا تخضع لرقابتها؟».

وقال شريف محمد إن «أسعار المصروفات في مدرسة أولاده في إمارة أبوظبي زادت من دون سابق إنذار بنسبة 30٪»، وأضاف «ذهبنا إلى مقر المدرسة ودفعنا القسط الأول، لكننا فوجئنا بأن المصروفات الإجمالية للعام الدراسي ومصروفات النقل والكتب ارتفعت، ولم يكن أمامنا أي خيار آخر، إذ من الصعب تحويل الأبناء إلى مدرسة أخرى في هذا التوقيت».

واستطرد «لا أعرف في هذه الحالة لمن أتوجه بالشكوى؟ وهل تلك الزيادة في الأسعار زادت بالاتفاق مع وزارة التربية أم لا؟ خصوصاً أن الأسعار عموماً تتجه إلى الانخفاض حالياً، فلماذا رفعت المدرسة من مصروفاتها؟».

ظاهرة

بدوره، قال مدير مدرسة دبي الدولية الثانوية الخاصة، صلاح شرارة، إن «ظاهرة ارتفاع أسعار التعليم في الدولة تخص مدارس دون أخرى، فهناك مدارس تبدأ أولى مراحلها التعليمة بنحو 30 ألف درهم، وتنتهي رسوم بقية سنواتها التعليمية بـ60 ألف درهم، وأخرى تبدأ بـ10 آلاف وتنتهي بـ18 ألف»، معتبراً أن «التعميم في قيام الكل بزيادة المصروفات يحمل ظلماً لبعض المدارس».

ولفت إلى أن «التحسينات التي تجريها أي مدرسة على خدماتها التعليمية، وراء فرض زيادة في الرسوم»، مؤكداً أنه «منذ بداية الأزمة المالية لا توجد أي مبررات لأي مدرسة بالزيادة، وذلك لحدوث انخفاض في أسعار معظم السلع التي تستخدمها المدارس، وعدم فرض أي زيادة في أجور ورواتب المعلمين».

وطالبت مديرة مدرسة العناية الإنجليزية الخاصة في الشارقة، مروى يوزباشي، بضرورة ربط أسعار المدارس بالمستوى المعيشي للمجتمع الذي توجد فيه، مشيرة إلى «تعمد فرض بعض المدارس زيادات ورسوماً على الطلاب، مقابل خدمات ليست أساسية بل كمالية».

وقالت «لابد من توفير قدر من العدالة في مقدار الرسوم التي تسمح بها الوزارة للمدارس، بحيث لا تظلم مدرسة دون أخرى، وتكون الزيادة موضوعية، وفق ما تقدمه تلك المدارس للطلبة من خدمات تعليمية أساسية»، مبينة أنه «في الوقت الذي حصلت فيه مدارس على نسب زيادة لا تتعدى 11٪ خلال 10 أعوام، حصلت مدارس أخرى على نسب أعلى بكثير وفي وقت أقل».

لا زيادة

من جهته، أكد وزير التربية والتعليم حميد القطامي، أن «الوزارة لا تسمح للمدارس بفرض أي رسوم إضافية من دون تقديم مبررات مقنعة، إذ تتم دراستها ومن ثم اتخاذ القرار»، مشيراً إلى أن «عدد المدارس الذي حصل على موافقة بفرض زيادة نسبية في الرسوم منذ بداية العام الماضي، قليل جداً»، وأوضح أن أسعار المدارس عادة ما تعكس نوعية الخدمات التعليمية الإضافية التي تقدمها، مشيراً إلى أن «السوق تضم مدارس تبدأ رسومها من 5000 درهم، وأخرى تصل إلى عشرات الآلاف، ويعود الاختيار بين تلك المدارس في الأساس إلى أولياء الأمور».

ولفت القطامي إلى أنه «في ظل وجود أكثر من 500 مدرسة خاصة، تقدم خدماتها التعليمية في الدولة، فإن نسبة 1٪ منها فقط هي التي حصلت على زيادة، وذلك لطبيعة استثماراتها، التي تهدف إلى تطوير وتعزيز العملية التعليمية»، واستطرد «هذا يعني أن تلك المدارس لديها ما يميزها عن غيرها من المدارس الأخرى، وتستحق زيادة نسبية في الرسوم، بعد إطلاع الوزارة على تلك المبررات والاقتناع بها».

وأكد القطامي حرص الوزارة على إحداث حالة ضبط لرسوم المدارس الخاصة في الدولة، وذلك في إطار توطيد العلاقة بينها وبين مؤسسات القطاع الخاص كافة، بهدف تطوير وتحديث العملية التعليمية بالكامل.

قرار وزاري

من جانبه، قال رئيس قسم النظم والضبط في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، محمد درويش، إن «زيادة الرسوم المدرسية لابد أن يصدر بها قرار وزاري، يتم تعميمه على كل المناطق التعليمية، إذ تمتلك مهمة تطبيق القرار على مناطقها وفق ما تراه مناسباً»، وأشار إلى أنه «خلال العام الماضي احتوى قرار وزارة التربية والتعليم على ثلاثة بنود رئيسة تقنن نسب الزيادة»، وتابع «يسمح للمدارس التي لم يمر عام على آخر زيادة، بإقرار نسبة زيادة تراوح ما بين 5 و10٪، بينما يسمح للمدارس التي مر عامان على آخر زيادة أقرتها بفرض نسب زيادة تراوح بين 10 و20٪، فيما يمكن للمدارس التي مر ثلاث سنوات على آخر زيادة أقرتها بفرض زيادة تراوح بين 20 و30٪»، ولفت إلى أن «كل ذلك يعود بشكل أساسي لتقييم كل منطقة تعليمية لمبررات الزيادة، إذ تربط بعضها نسب الزيادة بأداء المدارس وفقاً لأجهزة الرقابة بها».

وذكر أن «الهيئة درست إمكانية تحسين الأوضاع المالية لبعض المدارس عن طريق إعادة توزيع مواردها بطريقة أخرى، وذلك بعدما رفضت الهيئة طلبها بزيادة الرسوم لاستنفادها الحد الأقصى المسموح به للزيادة خلال السنوات الماضية»، وأوضح درويش أنه «وفقاً للمعلومات المالية للمدارس، التي تطلع عليها الهيئة تبين أن نسبة 70٪ من المصروفات التشغيلية لها، تنفق على أجور العاملين فيها، مشتملة على العلاوات والزيادات، ومن ثم نظراً لعدم قيام أي مدرسة بزيادة أجور العاملين فيها، مع حدوث حالة من الاستقرار في الإيجارات، وثبات أسعار المواد الاستهلاكية، فإن الهيئة لا تجد مبرراً مقنعاً لزيادة الرسوم على الإطلاق».

مبالغة

 

القطاع التعليمي في الإمارات

يبلغ عدد المدارس في الإمارات 1183 مدرسة، يدرس بها 750.2 ألف طالب، وفقاً لإحصاءات العام الدراسي 2008 / ،2009 مقارنة بـ1181 مدرسة في العام الدراسي السابق له، ويبلغ عدد المدارس الخاصة في الإمارات 462 مدرسة توفر خدماتها لنحو 487.9 ألف طالب، فيما يبلغ عدد الهيئات التدريسية والإدارية 47.2 ألف موظف بينهم 22.3 ألف موظف في المدارس الحكومية، و24.5 ألف موظف في المدارس الخاصة. وطبقاً لمؤشر اقتصاد المعرفة الصادر عن البنك الدولي، الذي يقيس قدرة الدول على إنتاج وتبني ونشر المعرفة، قفزت الإمارات خمسة مراكز خلال العام الماضي في هذا المؤشر مقارنة بعام ،2008 لتصل إلى المرتبة 46 في قائمة تضم نحو 148 دولة، ويعد هذا المؤشر دليلاً على أن نظام التعليم في الإمارات شهد تحسناً ما مكّن الدولة من أن تصبح أكثر تنافسية في هذا القطاع.

وقال الخبير التربوي، المدير السابق لإحدى المدارس الخاصة في دبي، ذيب عبدالله، إن «أسعار التعليم في الدولة مبالغ فيها بدرجة كبيرة، في الوقت الذي يفترض أن تكون فيه أسعار التعليم والصحة في متناول الجميع».

وأوضح أن «بعض المدارس تضطر إلى زيادة أسعارها لتلبية المتطلبات والاشتراطات التطويرية لهيئة المعرفة في دبي، الخاصة بالمختبرات والمعامل والفصول»، مشيراً إلى أن «99٪ من أولياء الأمور يُعتبرون ضحايا لتلك الأسعار».

تويتر