«المركزي» يمنحهم حق الشكوى في حال عدم التوصل إلى تسوية

متعثرون مالياً يطالبون مصارف بإعادة جدولة قروضهم

بنك الخليج الأول درس 400 حالــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة متعثرة وقدم لها المساعدة خلال عامي الأزمة. الإمارات اليوم

طالب متعثرون عن سداد أقساط قروض شهرية وبطاقات ائتمان المصارف بمعاملتهم أسوة بالشركات التجارية والعقارية، وكبار المستثمرين الذين تعاد جدولة ديونهم، بما يراعي تغير دخولهم المالية أو فقدانهم وظائفهم.

وقالوا إن على تلك المصارف أن توجد حلاً استثنائياً للمتعثرين عن السداد، ووقف ما أسموه مطاردتهم وتهديدهم بتقديم شيكات الضمان الخاصة بهم إلى أجهزة الأمن، لافتين إلى أن المصارف تقبلت خسائر الشركات، وتراجعت نسب أرباحها مراعاة لظروف السوق.

من جانبهم، قال مسؤولون مصرفيون إن المصارف لديها برامج مساعدة مستحدثة للمتعثرين عن السداد، أو ممن تركوا أعمالهم، يتم بمقتضاها دراسة كل حالة متعثرة على حدة، وإعادة جدولة الدين، وخفض قيمة القسط، أو زيادة فترة السداد، مع فائدة أعلى، مشيرين إلى أن التعامل مع البطاقات الائتمانية يختلف عن القرض الشخصي، إذ يتم تجميد الأولى، ومنح صاحبها مهلة تراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، ليعاود بعدها استئناف سداد الدفعات إلى أن يتم إغلاقها. وأكدوا أن تعليمات المصرف المركزي تلزم المصارف بتجنيب مخصصات لأي قرض تعثرت أقساطه أكثر من 90 يوماً.

وقال مسؤول في المصرف المركزي، إنه من الصعب إيجاد برنامج مساعدة يطبق على الجميع، مؤكداً أنه يمكن للأفراد التوجه إلى قسم الشكاوى في المصرف المركزي في حال عدم توصلهم إلى تسوية مع المصارف التي يتعاملون معها، تراعي ظروفهم.

ضغوط على المتعثرين

وتفصيلاً، قال الموظف ياسر محمود، إن «واقع السوق يقول إن مصارف اضطرت إلى إعادة جدولة ديون مستثمرين وشركات كبيرة، بما يتماشى مع الظروف التي فرضتها الأزمة المالية العالمية، معرباً عن أسفه لعدم تعامل المصارف مع المتعثرين الأفراد في سداد أقساطهم الشهرية بالطريقة نفسها»، مشيراً إلى أن «بنوكاً أجنبية عدة استحدثت برامج تعالج تعثر الأفراد، خصوصاً من لديهم أكثر من قسط شهري، نظراً لأن أحداً لم يكن بوسعه توقع ما حدث من تداعيات خطرة للأزمة المالية».

وطالب محمود المصرف المركزي بالتدخل وتوجيه المصارف إلى منح المتعثرين فترة سماح جيدة، وخفض قيمة الأقساط والفوائد معاً، خصوصاً أن هناك أبعاداً اجتماعية وآثاراً سلبية لهذا الأمر.

من جانبه، قال الموظف موسى سعد، إن «المصارف لا تقبل حالياً عذر المتعثرين مالياً، إلا بعد الامتناع عن السداد أكثر من شهرين»، موضحاً أنه كان يتقاضى راتباً شهرياً يبلغ 15 ألف درهم، انخفض بعد الأزمة المالية إلى 6000 درهم فقط، مع وجود التزامات شهرية للمصرف تبلغ 3500 درهم.

وأشار إلى أن المصرف رفض طلباً له بخفض الأقساط المستحقة أو تجميدها فترة، بذريعة أنه لا يجوز قانوناً، مؤكداً أن تضييق الخناق على المتعثرين يدفعهم إلى التخلف عن السداد، أو مغادرة الدولة نهائياً، عندما تصلهم تهديدات مصرفية بتقديمهم إلى المحاكم وأجهزة الأمن. وتساءل سعد: «أليس من الأفضل منح المتعثر وقتاً وفرصة لترتيب أموره ومعاودة السداد؟».

أما الموظفة هدى السيد فقالت إن المصارف تضغط على المتعثر من المتعاملين معها، وتتخذ إجراءاتها من دون النظر إلى الجانب الإنساني في الموضوع، لعلمها أن أصدقاء أو أقارب له سيتدخلون مالياً في النهاية لمساعدته، مستعرضة قصة ترك زوجها وظيفته، وتوقفها عن سداد قرض كانت حصلت عليه لعلاج طفلها، ما دفع أقارب وأصدقاء للعائلة إلى مساعدتها مالياً بعد أن حولت القضية إلى أجهزة الأمن.

وفي السياق ذاته، قال الموظف علي عبدالتواب، إنه يعاني كثيراً مما سماه رسائل تهديد ووعيد له من قبل قسم تحصيل في مصرف، حصل منه على بطاقة ائتمان من دون تحويل راتب.

وأوضح أن «تأخره عن السداد في تاريخ استحقاق الدفع جاء بعد سنتين من الالتزام الشهري، وظروف انتقاله من عمله»، مؤكداً رفض المصرف طلباً لتأجيل الدفع شهرين حتى توفيق أوضاعه. وقال إن الموظف أخبرني بأن علي الاستمرار في الدفع أو التعرض للمحاكمة.

برامج مساعدة

من جانبه، قال رئيس قسم الاتصال المؤسسي في بنك الخليج الأول، عبدالواحد جمعة، إن «لدى البنك برامج لمساعدة المتعثرين عن السداد، إذ تتم دراسة حالة المتعثر مالياً، وتاريخه الائتماني، وفي حال تأكد تعرضه لظروف قهرية مثل ترك العمل، أو خفض الراتب بنسبة عالية، تعاد جدولة الدين بفترات سداد أطول، وقيمة قسط شهري أقل».

وأوضح أنه «لا يتم خفض نسب الفوائد، لكن يمكن تجميد بطاقات الائتمان لشهرين أو ثلاثة، ليعاود المتعامل بعدها السداد»، مضيفاً أن «(الخليج الأول) درس 400 حالة متعثرة، وقدم لها المساعدة خلال عامي الأزمة».

ونفى جمعة أن يكون لبرنامج المساعدة للمتعثرين مالياً تأثير في أرباح البنك، أو يتطلب تجنيب مخصصات إضافية، لافتاً إلى أن مساعدة 400 متعثر لا يكلف البنك شيئاً يذكر، إذ إن عدد المتعاملين مع البنك يصل إلى 500 ألف متعامل.

من جانبها، قالت مدير أول المنتجات والخدمات المصرفية للأفراد في بنك أبوظبي الوطني، داليا قناوي، «من المهم أن يقتنع المصرف بأن تعثر المتعامل معه خارج عن إرادته، مثل خفض الراتب أو ترك العمل، وألا يكون هناك شبهة تعمد عدم السداد»، لافتة إلى دراسة كل حالة على حدة وأخذ القرار المناسب بخصوصها.

وأوضحت أن «الإجراءات الجادة لا تبدأ في الغالب إلا بعد مضي 90 يوماً من امتناع المتعامل عن السداد»، مشيرة إلى إمكانية دمج الأقساط في حال وجود أكثر من قسط شهري مستحق على المتعامل، في حال التأكد من تعثره مالياً، كأن يكون لديه تمويل لسيارة، وبطاقة ائتمان، وقرض شخصي، فتتم إعادة هيكلة للقروض، ليدفع قسطاً واحداً مع إعفاء من بعض الرسوم، أو خفض نسب الفوائد».

وأكدت أن المهم أن يدرك المتعامل أن تعاون المصرف لا يعني عدم الالتزام مطلقاً، لكن الهدف الوصول إلى تسوية مرضية للطرفين.

التسوية مصلحة للطرفين

بدوره، قال الخبير المصرفي، حسن فهمي، إن «المصارف تمنح القروض بناء على دخل الفرد وقدرته على السداد»، لافتاً إلى أن «المصرف يدرس ملف المتعامل في حال تعثره، لتعديل طريقة السداد في ضوء مستجدات حالته المالية الجديدة».

وأضاف أن «شكوى البعض من موظفي أقسام التحصيل لا تعني عدم تقدير ظروف المتعثر مالياً»، موضحاً أن «تحويل الملف إلى إدارة التحصيل تسبقه محاولات عدة مع المتعثر من موظفين في إدارات أخرى، وعندما لا يتم التوصل إلى حل تأتي مهمة موظف التحصيل الذي يضغط على المتعامل الممتنع عن السداد، بشيك الضمان، وبقية الإجراءات القانونية».

وأكد فهمي أن «من مصلحة المصارف التوصل إلى تسوية مع المتعامل، شريطة وجود حجج مقنعة مع المحافظة على أموال المودعين في الوقت نفسه»، مستدركاً أنه «في حال تأكد المصرف من عدم قدرة المتعامل على السداد، فإن من واجب موظفي البنك اتخاذ إجراءات قانونية تضمن عدم مغادرته الدولة أو هروبه».

دراسة للحالات

أكد مسؤول في المصرف المركزي، طلب عدم نشر اسمه، أن «المصارف مستعدة لدراسة الحالات المتعثرة كل على حدة، بالنسبة لقروض الأفراد الشخصية، أو بطاقات الائتمان، في إطار توجيهات عامة للجميع»، مشيراً إلى أن آلية التنفيذ تتم حسب النظام الداخلي لكل مصرف والسياسة الخاص به.

وأوضح أن «من الصعب إيجاد برنامج مساعدة يطبق على الجميع، إذ لا يعقل مساواة من يتقاضى راتبه بانتظام ولا يسدد التزاماته، بمتعثر ترك عمله أو لديه ظروف قهرية»، مؤكداً أنه يمكن للأفراد التوجه إلى قسم الشكاوى في المصرف المركزي في حال عدم توصلهم إلى تسوية مع المصارف التي يتعاملون معها، تراعي ظروفهم.

مبيناً أنه «يتم بحث الشكوى والتواصل مع الطرفين قبل أي تطورات قانونية».

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/281883.jpg

وفي السياق ذاته، أكد نائب الرئيس التنفيذي في بنك الاتحاد الوطني، هاني البدراوي، أن الهدف النهائي لأي مصرف هو تحصيل أمواله من المقترضين منه، وعليه تتم دراسة الحالات المتعثرة مالياً سواء كانت بترك العمل أو خفض الراتب، ويمنح أصحابها مهلة، وفق إجراءات تختلف من حالة لأخرى.

وأوضح أن «أي عملية لإعادة جدولة الدين يراعى فيها مصلحة الطرفين، خصوصاً أن تعليمات المصرف المركزي تلزم المصارف بتجنيب مخصصات لأي قرض تعثرت أقساطه أكثر من 90 يوماً، لذلك تسعى المصارف إلى وضع حلول للقروض المتعثرة قبل حلول هذه المدة شريطة التزامل المتعامل معها».

وأكد البدراوي أن «المصرف يبدأ اتصالات ودية مع المتعثر مالياً، ولا يتم اللجوء إلى أقسام الشرطة إلا بعد استنفاد جميع الطرق، لأن تحريك دعوى ضد الأفراد المتعثرين مكلف بالنسبة للمصارف وتعتبر آخر الوسائل في ظل عدم وجود خيار آخر لتحصيل مستحقات البنك».

تويتر