خسرت 13 مليار درهم من قيمتها السوقية متجاهلة أخباراً إيجابية عن «دبي العالمية» و«نخيل»

خلافات «الكوريتين» تهوي بأسواق الأسهـم المحلية

تراجع المؤشر العام في سوق دبي بنسبة 4.46٪. تصوير: إريك أرازاس

انضمّت التوترات السياسية بين الكوريتين الجنوبية والشمالية، الى قائمة عوامل جديدة تؤثر في أسواق الأسهم الاماراتية. ووصف محللون ما جرى في أسواق الأسهم بأنه أمر يخالف العقل والمنطق، بعد أن فقدت الأسهم في تداولات أمس، 13.25 مليار درهم من قيمتها السوقية.

وتفاعلت أسواق دبي وأبوظبي سلباً بأخبار تناقلتها وكالات أنباء عالمية حول اتخاذ كوريا الشمالية وضع الاستعداد القتالي في مواجهة ما اسمته تهديدات من كوريا الجنوبية، إضافة إلى قرار إيران بإمكان إعادة النظر في اتفاق مبادلة الوقود النووي إذا اتفقت القوى الكبرى على فرض مزيد من العقوبات عليها، والحديث عن دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود وشيكة.

وبحسب محللين، فقد تجاهلت أسواق الأسهم المحلية الأخبار الإيجابية، وآخرها التوصل إلى اتفاق مبدئي حول تسوية ديون مجموعة دبي العالمية، وإعلان شركة نخيل العقارية عن سداد 40٪ نقداً للمقاولين، إضافة إلى صدور تقارير إيجابية عن الإمارات من قبل صندوق النقد الدولي، لتبحث عن أي عنصر سلبي أو مشكلة في العالم لتتفاعـل معها سلباً.

انخفاض كبير

وتفصيلاً، تعمّقت خسائر سوق أبوظبي للأوراق المالية تحت وطأة ضغوط بيع عشوائي. وانخفض مؤشر سوق الإمارات المالي الصادر عن هيئة الأوراق المالية والسلع خلال جلسة تداول أمس، بنسبة 3.38٪، ليغلق على مستوى 2587.98 نقطة.

وشهدت القيمة السوقية انخفاضاً بقيمة 13.25 مليار درهم لتصل إلى 379.21 مليار درهم. وتم تداول نحو 380 مليون سهم بقيمة إجمالية 720 مليون درهم من خلال 8258 صفقة. وسجل مؤشر قطاع التأمين انخفاضاً بنسبة 0.98٪، تلاه مؤشر قطاع البنوك انخفاضاً بنسبة 3.40٪، ثم مؤشر قطاع الخدمات انخفاضاً بنسبة 3.43٪، ومؤشر قطاع الصناعات انخفاضاً بنسبة 4.39٪.

وفي دبي، تراجع المؤشر العام بنسبة 4.46٪ عند مستوى 1570 نقطة بتداولات قيمتها 523 مليون درهم، حصيلة بيع وشراء 268 مليون سهم توزّعت على 5784 صفقة.

وفي عاصمة كوريا الجنوبية سيؤول، هبط المؤشر الرئيس للأسهم بأكثر من 3٪، وتراجعت العملة الكورية الجنوبية «وون» بشدة أيضاً، وخسرت 4.5٪ من قيمتها أمام الدولار، في أدنى مستوى لها خلال 10أشهر. كما تراجع المؤشر القياسي للأسهم اليابانية أمس بأكثر من 3٪، ليغلق على أقل مستوى له في ستة أشهر.

حالة قلق

وقال المحلل المالي حمود المسلماني، إن «عوامل عدة تضافرت أمس، وأدت إلى إثارة حالة من القلق بين أوساط المتعاملين في أسواق الأسهم المحلية، ومنها تصاعد التوترات السياسية بين الكوريتين، واتخاذ كوريا الشمالية وضع الاستعداد القتالي في مواجهة جارتها كوريا الجنوبية، ومستجدات مسألة العقوبات على ايران، وتحقيق أسواق الأسهم الآسيوية انخفاضات كبيرة بسبب هذه الأحداث، إضافة إلى الانخفاض الملحوظ في الأسهم الأوروبية، نتيجة لاتساع المشكلات في أوروبا، لتشمل سلامة الأوضاع المالية لبنوك فيها، ومشكلات ديون سيادية لبعض الدول». وقال إنه «على الرغم من منطقية تفاعل أسواق الاسهم الاماراتية مع التطورات العالمية، فإنه من غير المنطقي أن يكون هذا التفاعل سلبياً بنسب تفوق نسب الانخفاضات في الدول التي تحدث فيها تلك المشكلات».

وأضاف أن «من الأشياء غير المفهومة أيضاً أن تتجاهل الأسواق المحلية الاخبار الإيجابية كافة، وتبحث عن أي حدث سلبي حول العالم، لتنخفض تفاعلاً معه»، لافتاً إلى أن «الأسهم المحلية تجاهلت التوصل لاتفاق مبدئي حول تسوية ديون (دبي العالمية)، وإعلان (نخيل) عن سداد 40٪ نقداً للمقاولين، إضافة إلى صدور تقارير ايجابية عن الإمارات من قبل صندوق النقد الدولي، لتصبح مشكلة الكوريتين أحدث العوامل التي تهوي بأسواق الأسهم الإماراتية».

وكان مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا، مسعود أحمد، قال إن «توقعات النمو الاقتصادي في الامارات، ربما تشهد العام الجاري مزيداً من الارتفاع، نظراً إلى أن الأرقام الحالية متحفظة بعض الشيء». وأضاف أن «هناك احتمالاً لارتفاع هذه الارقام في العام الجاري»، مشيراً إلى أن «الصندوق يتوقع نمو إمارة أبوظبي بمعدل 3.7٪، في حين ستواجه دبي انكماشاً طفيفاً لا يزيد كثيراً على 0.5٪».

العقل والمنطق

من جهته، وصف المستثمر في سوق دبي المالي، عزام النعيمي، ما يحدث من انخفاضات في أسواق الأسهم المحلية بأنه «أمر يخالف العقل والمنطق». وقال إن «الجميع يدرك أن أسواق الأسهم المحلية ليست بمنأى عن التطورات التي تحدث في البورصات العالمية، وإن العالم يمر حالياً بمرحلة تقلبات يصعب فيها الرؤية، وتوقع ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب».

وتساءل: «مع الإقرار بتلك الحقائق، فهل يعقل أن تكون نسب الانخفاضات التي حققتها مؤشرات أسواق الأسهم المحلية أكبر من النسب المحققة في بورصات الدول التي تعاني من تلك المشاكلات؟».

وأضاف أن «إصرار صغار المستثمرين على البيع بأي سعر، وتحوّل الجميع الى المضاربة، يبرز الحاجة الى وجود جهة حكومية تقوم بدور (صانع السوق)، وتتدخل في مثل هذه الحالات التي يصبح فيها التداول بناء على عوامل بعيدة عن الأسس المنطقية».

وفي السياق ذاته، عزا المحلل المالي، أحمد شكر، حالة الخوف التي تسود أوساط المستثمرين، إلى أداء الأسواق العالمية والإقليمية المضطربة، تأثراً بأزمة منطقة اليورو، وتعامل الدول الأعضاء حيال ديون اليونان بقلق وتوجس واضحين»، مؤكداً أن «القراءات العاقلة لمفردات الاقتصاد المحلي شبه غائبة، إذ نجد بيعاً مكثفاً لأسهم شركات تعلن عن مشروعات ضخمة، ولديها نتائج فصلية جيدة».

وأوضح أن «ضغط القطاع العقاري على مؤشر السوق يرجع إلى أن النسبة الأكبر من المحافظ وأسهم الأفراد تتكون من هذه القطاع، إضافة إلى أنه الأكثر حركة بين الأسهم المدرجة»، متوقعاً أن يرتد السوق غداً بنسبة بسيطة قد لا تجاوز 1٪، على سبيل الاستقرار».

أما مدير عام شركة الدار للأسهم والسندات، كفاح المحارمة، فيرى أن «رد فعل الأسواق المحلية أمس، لتراجعات نظيرتها العالمية، كان مبالغاً فيه بدرجة كبيرة»، لافتاً إلى أن «الحالة النفسية أصبحت هي المحرك الأساسي لعمليات البيع والشراء، في ظل سيطرة المضاربين وتحديدهم اتجاه السوق حسب مصالحهم الخاصة».

وأضاف أن «الأسواق تجاهلت جميع الأخبار الإيجابية بخصوص تسوية ديون (دبي العالمية) وركزت على هبوط بورصات عالمية لم تتراجع بحدة كما حدث لدينا»، مشيراً إلى عدم إمكانية توقع متى ستنتهي موجة الهبوط العنيفة التي تشهدها الأسواق، لعدم خضوع سلوك المستثمرين لأسس التحليل الفني أو الأساسي».

تويتر