المحتوى العربي على الإنترنت وحالة الهلع الزائفة

صورة

انقضت حتى الآن أكثر من ثماني سنوات مُنذ دخولي فضاء الإنترنت العربي ومجتمعاته المُختلفة، إذ كانت بداياتي مع بعض فرق تطوير البرمجيات العربية مفتوحة المصدر مع المشاركة في موضة ذلك الوقت والمُتمثّلة في المنتديات، ثم انتقلت بعدها إلى عالم التدوين من خلال مُدونتي الشخصية وإنشاء بعض المشروعات الشخصية حتى وصولي إلى البوابة العربية للأخبار التقنية والعمل ضمن فريق التحرير.

مُنذ بدايتي وحتى هذه اللحظة أصادف بين الفينة والأُخرى الكثير من الموضوعات التي تأتي بعناوين مُختلفة لكنها تجتمع من حيث المعنى في مكان واحد، وهو ضرورة إثراء المحتوى العربي وإطلاق المشروعات العربية وما إلى ذلك، والذي هو أشبه بمحاولة تعريب للمجتمع الغربي بكل أفكاره، من دون النظر إلى حاجتنا فعلاً للاستقلال عن الموجود حالياً وتأسيس ما يلائم مجتمعنا وعادتنا العربية.

وبالنظر إلى هذه الموضوعات ومحاولة تحليل واقع المحتوى العربي على الإنترنت للتأكد فعلاً من حقيقة هذه الادعاءات نجد أن هناك حالة هلع زائفة لا داعي لوجودها أصلاً، فهي لن تُفيد في حل هذه المشكلة إن كانت فعلاً موجودة، فمثلاً عند قراءة هذه الموضوعات داخل أحد المُجتمعات العربية على الإنترنت نجد أن الموضوع يزيد على الـ 1000 كلمة ويتحدث عن الكثير من الأمور مع ذكر أمثلة عن مصادر أجنبية يجب توفرها باللغة العربية وما إلى ذلك، لكن لو فكرنا قليلاً نجد أن هذا الموضوع يُطرح مرة واحدة شهرياً على الأقل في كل مُجتمع أو مُنتدى عربي وما هو إلا حالة ندب لا فائدة منها، لأن كاتب الموضوع لو كتب نصف هذه الكلمات في موضوع يُشارك فيه خبراته لكان فعلاً أفاد المحتوى العربي وأضاف إليه من دون الحاجة إلى حالة الهلع الزائدة عن حدها الطبيعي والتي لن تحل أساساً أي مُشكلة.

ولو تناولنا المحتوى العربي على الإنترنت بالأمثلة، نجد أنه غني إلى حد ما ولا يحتاج إلى دق نواقيس الخطر كما هو الوضع الحالي، والذي يمتد لأكثر من ثماني سنوات، ففي وقتنا الراهن يتوافر أكثر من موقع عربي للاطلاع على آخر الأخبار العالمية في شتى المجالات، وبما أن الصحافة هي مرآة المجتمع، فإن انعكاس جميع المجتمعات العالمية والعربية واضح جداً ويُمكن لأي شخص رؤيته ومن الزاوية التي تهمه.

وبعيداً عن الصحافة، يُمكن بالنزول إلى أرض الواقع العربي في مجال التقنية ـ باعتبارها لغة العصر والموجه الأساسي في أي مُجتمع ـ مُشاهدة الأمثلة الكثيرة، التي من وجهة نظري تسد حاجة المُجتمع العربي إلى حد ما، فمن السهل جداً الوصول إلى مواقع عربية متخصصة في كثير من المجالات مثل الإعلانات المبوبة، المتاجر الإلكترونية، المُجتمعات الافتراضية، الشبكات الإعلانية، المعاجم والقواميس، الشبكات التعليمية إضافة إلى تطبيقات الهواتف المحمولة، بل يتوافر كثير من البرمجيات العربية بشكل مجاني ومفتوح المصدر منذ مدة تزيد على 10 سنوات.

ما ينقص المحتوى العربي حقيقةً هو الوعي أثناء التعامل معه والطريقة المُثلى لاستخدامه، فعند نشر أي موضوع يتناول برنامجاً أو تطبيقاً أو موقعاً عربياً نجد أكثر التعليقات تبدأ بـ«فاشل»، من دون وجود تبرير واضح لاستخدام هذه الكلمة أو استعراض الأسباب التي دعت لاستخدام مثل هذه الكلمة، فلو تم التعامل مع المشروع بمزيد من الوعي يُمكن تطويره حتى لو كان غير ناجح فعلاً، إذ يُمكن العمل على تطويره من خلال طرح الأفكار والنقاش ومُراسلة أصحابه للوصول إلى مشروع يُرضي المستخدم أولاً، ويُثري المحتوى والوجود العربي على الإنترنت ثانياً.

في النهاية، يُمكن تلخيص ما سبق في بعض النقاط الأساسية، المحتوى الثقافي بأشكاله كافة لأي دولة لا يُمكن أن يصل إلى حد الإشباع بأي شكل من الأشكال، ومن الضروري وجود المصادر الجديدة دائماً التي يُمكن إثراء هذا المحتوى من خلالها، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الابتعاد عن النظرة السلبية لأفراد هذا المُجتمع، ومحاولة المشاركة بأي وسيلة لنشر هذا المحتوى.

عضو فريق التحرير في البوابة العربية للأخبار التقنية.

تويتر