أسواق الدول المتقدمة تشبعت.. والفروق بين طرز الهواتف تتقلص يوماً بعد آخر

منتجو الهواتف الذكية يتطلعون إلى الأسواق الناشئة بحثاً عن فرص للنمو

صورة

تجتذب الهواتف الذكية الراقية من شركات مثل «أبل» و«سامسونغ» أضواء الإعلام واهتمام شرائح كثيرة من المستخدمين، لكن الواقع أن العديد من أسواق الدول المتقدمة قد تشبعت بالفعل، ويوماً بعد آخر تتقلص الفروق بين طرز الهواتف، ما جعل شركات عديدة تتطلع إلى الأسواق الناشئة بحثاً عن فرص للنمو.

وتركز هذه الشركات على تخفيض الأسعار للوصول إلى ملايين المستخدمين الذين لم يحصلوا بعد على هواتف ذكية، أو اتصال بالإنترنت. وخلال العام الماضي جرى بيع نحو 800 مليون هاتف بإمكانات محدودة بالمقارنة مع الهواتف الذكية على مستوى العالم.

ولا يقتصر طموح الشركات المُصنعة للهواتف وغيرها على الدول ذات الكثافة السكانية العالية، مثل الصين والهند، فقط، بل تتطلع أيضاً إلى أسواق أميركا اللاتينية وإفريقيا، ومختلف المناطق خارج الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وأوروبا الغربية، والقليل من البلدان الآسيوية المتقدمة.

وكانت «أبل» قد كشفت في سبتمبر الماضي عن هاتف «آي فون 5 سي» بسعر يقل 100 دولار عن «آي فون 5 إس» الأكثر تقدماً، إلا أنه مثّل سعراً بعيداً جداً عن متناول العديد من الأشخاص في الدول الفقيرة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «لينوفو»، يانج يانكينج: «إنهم يركزون على الفئة الممتازة»، وأشار إلى أن السوق صارت ناضجة ومتشبعة.

وقال يانكينج: «لذلك الآن إذا كنت ترغب في مزيد من النمو عليك التركيز على هذه الأسواق الناشئة، ولا سيما هؤلاء الأشخاص الفقراء»، وأوضح أن «لينوفو» تُطلق سنوياً 40 أو 50 هاتفاً لتلبية الحاجات المتنوعة في تلك الأسواق.

وتأكد هذا الاتجاه خلال «المؤتمر العالمي للجوال» الذي انعقد في مدينة برشلونة الإسبانية نهاية فبراير الماضي؛ وشهد تقديم العديد من الشركات لهواتف مُنخفضة الكلفة بأسعار تقل عن 200 دولار، وفي الوقت نفسه لا تُغفل الكثير من المزايا، وتُوفر لملايين الأشخاص إمكانية اقتناء هواتف ذكية للمرة الأولى. قدمت شركة «نوكيا»، التي سيطرت لسنوات على سوق الهواتف العادية، سلسلة «نوكيا إكس»، التي تعمل بنظام تشغيل «أندرويد»، بأسعار تبدأ من 120 دولاراً. وقال نائب الرئيس التنفيذي للهواتف المحمولة في الشركة، تيمو تويكانن، إن النمو الأسرع يوجد في مجال الهواتف الذكية ميسورة الكلفة، وأضاف أنه ربما لا تؤثر مبالغ مالية قليلة في العالم الغربي، لكنها تُحدث فرقاً هائلاً في الأسواق النامية.

كما كشفت «بلاك بيري» عن هاتف «زد 3» بسعر يقل عن 200 دولار، وتعتزم طرحه خلال الربيع المقبل في إندونيسيا قبل التوسع في بقية أنحاء جنوب شرق آسيا.

وتتجه شركات أخرى لتقديم هواتف بأسعار تقل عن 100 دولار، مثل «زد تي إي» الصينية التي عرضت هاتفاً يعمل بنظام تشغيل «فايرفوكس» بسعر 80 دولاراً. وبدت مؤسسة «موزيلا»، المعروفة بتطوير متصفح الإنترنت الشهير «فايرفوكس»، أكثر وضوحاً في الاتجاه لتخفيض أسعار الهواتف، فأعلنت عن تعاونها مع شركة «سبريدترام» الصينية لصناعة المعالجات لتقديم هاتف يُكلف 25 دولاراً فقط.

وقال رئيس أعمال متصفح «فايرفوكس» ونظام التشغيل جوناثان نايتنجيل: «نستهدف الأشخاص الذين لم يتوافر لديهم من قبل هذا النوع من الاتصال بالإنترنت»، وأضاف أن هؤلاء ربما حصلوا في السابق على هاتف عادي، لكن بالنسبة لهم فسعر 70 دولاراً لهاتف ذكي يُمثل استثماراً ضخماً. لكن توفير الاتصال بالإنترنت والوصول للتطبيقات لا يتطلب فقط تخفيض أسعار الهواتف الذكية، بل يرتبط أيضاً بتكاليف خطط استهلاك البيانات عبر الهاتف. وذكر رئيس العمليات في شركة «ميليكوم» التي تعمل في إفريقيا وأميركا اللاتينية، ماريو زانوتي، أنه مع إنتاج شركات صينية معروفة قليلاً لهواتف «لائقة» تعمل بنظام «أندرويد» بسعر نحو 45 دولاراً، واستمرار تراجع أسعار الهواتف، إلا أن الهاتف الرخيص هو نصف الإجابة فقط.

وقال زانوتي: «المفتاح في كل ذلك هو ضمان أن تكاليف البيانات معقولة أيضاً، هاتف ذكي من دون بيانات مثل سيارة من دون محرك».

وكان الرئيس التنفيذي لشركة «فيس بوك»، مارك زوكربيرغ، قد أشار ضمن خطابه في «المؤتمر العالمي للجوال» إلى خطط البيانات باهظة الكلفة باعتبارها حاجزاً أكبر من القدرة على تحمل تكاليف الهاتف الذكي. كما اعتبر زوكربيرغ أن الحصول على هاتف ذكي والاتصال بالإنترنت مجرد بداية، بينما يكمن الأمر الأهم في منح الناس سبباً للاتصال، مثل توفير خدمات مالية، ومعلومات الرعاية الصحية، والمواد التعليمية، ورأى أن «فيس بوك» يقع في نقطة تصل بين هذه الخدمات.

وتحاول شركات علاج ذلك، مثل «موزيلا» التي تُضمن في هواتفها «راديو إف إم»؛ ما يُوفر البيانات للمستخدمين، كما يحاول القائمون على نظام تشغيل «أوبنتو» الجديد التأكد من عمل تطبيقاته بصورة جيدة من دون الحاجة إلى الإنترنت.

ولا يقتصر السعي لتوفير هواتف ذكية منخفضة الكلفة على الجهود المُباشرة للشركات المصنعة الصغيرة والمتوسطة؛ فمثل إصدار «كيت كات»، أحدث نسخة لنظام تشغيل «أندرويد»، نتيجة مشروع «سفليت»، وتعني «الرشاقة»، وحاول فيه مهندسو «غوغل» تقليص احتياجات «أندرويد» لذاكرة الهاتف، ما يُتيح تشغيل النظام على الهواتف ذات ذاكرة الوصول العشوائي المنخفضة تبدأ من 512 ميغابِت.

كما أعلنت «مايكروسوفت» عن تخفيضها المتطلبات العتادية للهواتف العاملة بنظام تشغيل «ويندوز فون»، ليدعم الأجهزة ذات المعالجات الأقل كلفة، والذاكرة الأقل سعةً، ما يسمح بتوفير أجهزة أقل سعراً في الأسواق الناشئة. كما تتعاون مع «كوالكوم» لصناعة المعالجات لإعداد مُخططات أولية تتيح لشركات التصنيع سرعة تصميم هاتف بنظام «ويندوز فون».

وعند التساؤل عن كيفية تقييم الهاتف الجيد بصورة كافية، قال الرئيس التنفيذي لشركة «سبريدترام»، ليو لي، إن الهواتف التي تعتمد المخططات الأولية لشركته تعمل بكفاءة «آي فون 4». وعلى الرغم من أن الهاتف قد صدر قبل أربع سنوات، إلا أن «لي» قال إن أداءه أفضل من الهواتف الأساسية التي ينتقل منها المستخدمون للمرة الأولى.

ويُساعد تخفيض أسعار الهواتف الذكية الشركات على التوسع في أسواق الدول المتقدمة أيضاً، فعلى الرغم من انتشار الهواتف الراقية في تلك الأسواق، إلا أن المستهلكين يرتبطون بعقود طويلة الأجل مع مُزودي خدمات الاتصالات مقابل تخفيضات لشراء الهواتف.

ومن جانب آخر، يُواجه مُصنعو الهواتف الذكية صعوبات في تمييز منتجاتهم مع كل هاتف جديد؛ فعلى سبيل المثال وصف محللون هاتف «غالاكسي إس 5» الجديد بأنه يُمثل تحسناً تدريجياً عن الطراز السابق، ولذلك تساءل تشاند عن كيفية دفع شخص لشراء منتجك، واعتبر الإجابة تكمن في تخفيض السعر.

تويتر